أخبار الآن | موسكو – روسيا – (رويترز)

كثفت روسيا مساعيها اليوم لوقفِ تدهور عملتِها الروبل حيث قامت ببيعِ المليارات من احتياطيها من العملات الاجنبية، وذلك لدعم العملة وسط اسوأ ازمة اقتصادية يواجهها الرئيس فلاديمير بوتين طوال 15 عاما من الحكم.        

وفي الوقت ذاته اعربت واشطن عن استعدادها لفرض مزيد من العقوبات على روسيا على خلفية النزاع في اوكرانيا. وقد اسهم ذلك اضافة الى انخفاض اسعار النفط في احداث عاصفة ادت الى تدهور الروبل بشكل متسارع. 
              
وخسر الروبل خمس قيمته في يوم واحد الثلاثاء، ليفقد 60% من قيمته منذ بداية العام. 
 وكان قد اعلن البنك المركزي الروسي اليوم الاربعاء انه انفق 1,96 مليار دولار الاثنين لحماية الروبل ما يرفع الحجم الاجمالي لتدخلاته الى اكثر من 10 مليار دولار منذ مطلع الشهر. 
         
وبعد افتتاح التعامل الاربعاء عند نحو الساعة 10,00 تغ بانخفاض 3%، استعاد الروبل انفاسه قليلا حيث ارتفع الى 66,05 للدولار مقارنة مع 67,88 مساء الثلاثاء، و82,20 لليورو مقارنة مع 85,15. 
              
وكتبت صحيفة فيدوموستي المتخصصة في الاعمال في افتتاحيتها الاربعاء "هذا وضع خطير للغاية. وبعد ايام قليلة قد يقوم اصحاب الحسابات بعمليات سحب واسعة من البنوك"، محذرة من ان تسود مشاعر "الذعر" في البلاد. 
              
وقال محللو بنك الفا ان "تهدئة الناس ومعالجة اية قضايا يعاني منها القطاع المصرفي بشكل استباقي اصبحت امورا غاية في الاهمية، خاصة قبل عطلة نهاية الاسبوع". 
              
وما زاد في تدهور الوضع تاكيد البيت الابيض في وقت متاخر من الثلاثاء ان الرئيس اوباما يعتزم المصادقة على قانون يفرض مزيدا من العقوبات على روسيا بسبب دورها في اوكرانيا، واعرب رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف عن ثقته بان موسكو قادرة على احتواء الازمة.
              
وقال في اجتماع طارئ نقل التلفزيون وقائعه مباشرة مع الوزراء وقادة الصناعة "البلاد لديها موارد العملات التي تمكنها من تحقيق جميع الاهداف الاقتصادية والانتاجية التي حددتموها".

واعلن البنك المركزي في وقت متاخر من الاثنين عن زيادة كبيرة في نسبة الفائدة من 10,5% إلى 17%، الا ان ذلك لم يوقف تدهور الروبل. 
              
وكتب محللون في مصرف الفا بنك ان العملة "تواصل تدهورها في الوقت الذي يبدو فيه بنك روسيا مصمما على الاحتفاظ بالاحتياطيات ما يسمح للعملة المحلية بالاستقرار بشكل طبيعي في مدى معين". 
              
وواجهت استراتيجية البنك انتقادات قاسية في الاعلام الروسي الاربعاء. 
              
وكتبت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا اليومية على صفحتها الرئيسية ان "البنك المركزي دفن الروبل"، بينما قالت صحيفة نوفيي ازفيستيا ان البنك لم يتمكن من وقف تدهور الروبل. 
              
وصرحت متحدثة باسم وزارة المالية الروسية لوكالة فرانس برس الاربعاء ان الوزارة تقوم ببيع عملاتها الاجنبية لدعم الروبل. 
              
وقالت المتحدثة سفيتلانا نيكتينا ان "وزارة المالية تعتبر الروبل اقل من قيمته الحقيقية بكثير، وبدأت في بيع فائض العملات الاجنبية لديها في السوق". 
              
وقالت وزارة المالية انها تملك نحو 7 مليارات دولار لدعم الروبل، واكدت "سنفعل ذلك للمدة الضرورية". 
              
الا ان الحكومة تتردد في المساس بصندوق الضمان الوطني الطارئ المقدرة قيمته بنحو 3 ترليون روبل. 
              
وفي اجتماع طارئ الثلاثاء قررت الحكومة الروسية مجموعة من الاجراءات لدعم الوضع الاقتصادي، بحسب وزير الاقتصاد اليكسي اوليوكاييف. 
              
ووجهت انتقادات لبوتين حيث قالت صحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس "لقد فقدنا الشعور بان بوتين هو الساحر الذي يستطيع السيطرة على كل شيء"، مضيفة ان الرئيس حتى الان "لا يتاثر بالانتقادات". 
              
ولم يدل بوتين باي تصريحات حول الازمة الاقتصادية هذا الاسبوع، الا ان المتحدث باسمه قال ان هذه مسالة تتعلق بالحكومة وليس بالكرملين. ومن المقرر ان يعقد الرئيس مؤتمره الصحافي المنتظر بمناسبة نهاية العام الخميس. 
              

وتعقيبا على ذلك ،و قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان العقوبات الاميركية والاوروبية المفروضة على روسيا يمكن ان ترفع خلال ايام اذا ما اتخذ بوتين الخيارات الصحيحة في اوكرانيا.

وأثار الهبوط التاريخي للعملة الروسية مخاوف غير مسبوقة منذ وصول بوتين إلى السلطة.
ويواجه الرئيس الذي فترت علاقاته مع الغرب فيما لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في بلاده، اختبارا مهما غدا الخميس أمام مئات الصحفيين الروس والأجانب في جلسة يتوقع أن يحتل الوضع الاقتصادي حيزا كبيرا منها في وقت لا يتردد بعض الخبراء والمعارضين الليبراليين في الكلام عن "مرحلة ما قبل الإفلاس" في روسيا.

وإن كان قرار البنك المركزي يلبي بعض المخاوف في الأسواق، إلا أن خبراء الاقتصاد في مصرف ألفا الروسي حذروا من أن "المشكلة الرئيسية هي استعادة ثقة المواطنين الذين يقبلون بشكل متزايد على تحويل مدخراتهم إلى اليورو". وبات المواطنون يشعرون بوطأة تراجع العملة الوطنية. فارتفاع الأسعار يقارب 10 بالمئة على مدى عام وينذر بمزيد من الارتفاع. وظهرت مجددا هذا الأسبوع تسعيرات بالعملات الأجنبية في بعض المتاجر، من النوع الذي كان منتشرا في التسعينات.

واقتصر رد السلطات وفي طليعتها البنك المركزي على الدعوة إلى الصبر. وحذرت رئيسة البنك المركزي الفيرا نبيولينا عبر التلفزيون من أن عودة الروبل إلى مستوى يتماشى مع أسس الاقتصاد "سيستغرق وقتا". وعلى صعيد آخر ذكر خبراء الاقتصاد أن استراتيجية البنك المركزي يترتب عنها ثمن هو "تشديد جديد في شروط القروض للأسر والشركات وتراجع أكبر في الاقتصاد الفعلي عام 2015".

وإزاء خطورة ما يجري، طرحت مجددا فكرة فرض قيود على حركة الرساميل وهو اقتراح يرفضه بوتين في الوقت الحاضر، ويخشى المحللون أن يقضي على مصداقية موسكو في الأسواق.