أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – 

من المعروف أن القتل العمد هو جريمة تعاقب عليها كل القوانين والأعراف، كما أن ليس هناك كائن حي على وجه الأرض يطلب أو يتمنى انهاء حياته، غير المنتحر.. لكن ماذا عن حالة المريض الذي يستنفذ معه الأطباء كل امكانيات الشفاء، ويصير المرض مصدر تعذيب يومي له.. فيتمنى الموت لانهاء معاناته؟ من هذا المنطلق جاءت فكرة " الموت الرحيم".  

"اليوثنيزيا" Euthanasia هي كلمة يونانيّة تعني الموت الرّحيم أو المُيَسَّر، استخدمها أوّلاً الفيلسوف الإنجليزيّ "فرنسيس بايكون" عام 1605، وعنى بها أنّ على الطّبيب "مصاحبة روح" المريض لتسهيل لحظاته الأخيرة، وأصبحت في القرن التّاسع عشر، تعني القتل الرّحيم، وإنهاء حياة مريض ميؤوس من شفائه، بناءً على طلبه، وبدافع الإشفاق عليه بسبب معاناته.

لقد استُخدمت طرق متعدّدة للـ"يوثنيزيا"، بعضها محظور وبعضها معترف به، منها: القتل المتعمّد، ويتمّ بفعل مباشر كإعطاء المريض جرعة قاتلة من المورفين، والموت النّاجم عن إعطاء جرعات مضاعفة من مسكّنات تؤدّي إلى الموت، والموت النّاجم عن فصل جهاز التّنفّس ويُعطى لمرضى في حال الغيبوبة، والموت النّاجم عن الإمساك عن العلاج بحيث يتمّ وقف إعطاء العلاج المناسب.

"الموت الرحيم"..رحمة للمرضى أم جريمة انسانية؟

طبيب "الموت" 
إنه الأميركيّ من أصل أرمنيّ "جاك كيفوركيان"، أخصائيّ أمراض مُتقاعد، وقد مُنِح هذا اللّقب لدوره في مساعدة نحو 130 مريضًا على الانتحار، ظهر للمرّة الأولى في العام 1990 حين ساعد امرأة تعاني مرض الـ"إلزهايمر" لتقتل نفسها بواسطة إحدى آلات الموت المصمَّمة من قِبَله. وكان "كيفوركيان" (81 سنة) قد خرج من وراء القضبان بعد ثماني سنوات مُدانًا بارتكاب جريمة قتل من الدّرجة الثّانية على خلفيّة مساعدته رجلاً على الانتحار.

"لستُ نادِمًا"، قالها أمام 5000 طالب في جامعة فلوريدا. "يجب أن يكون لدينا الحقّ في مساعدة مَن يرغب في الموت الرّحيم"، "إنّها خدمة طبيّة"، أوضح متعجرفًا. ولم يتأثّر "كيفوركيان" حين عارضه الكثيرون بخروجهم من القاعة بأعداد كبيرة، لا بل أجاب بسخرية عن سؤال "ماذا يحصل لِمَن يموت؟" فقال: "إنّه يَنتَن". فهل هذا صحيح؟ طبعًا لا، وهو يتعارض مع وعد يسوع بأنّه يذهب ليُعِدّ لنا مكانًا ومن ثمّ يأتي ليأخذنا حتّى حيث يكون هو نكون نحن معه، بالإضافة إلى ارتكابه الجرائم المذكورة، فقد عُرف بفنّه أيضًا. وهذه إحدى الصّور الّتي قام بعرضها ضمن 16 لوحة أخرى مشابهة في متحف أميركيّ في "واترتاون"، وتُظهر ما يمتكله قلبه "الرّحيم والمدافع عن حقوق البشر".

ماذا يقول "القانون"؟ 

على الرّغم من أنّ حياة الإنسان يحميها القانون، إلاّ أنّ عددًا من الدّول شرّعت الـ"يوثنيزيا" مع تحديد ضوابط، وأدانته الأكثريّة السّاحقة من الدّول لأنّها رأت فيه عملاً يتعارض مع القيم الأخلاقيّة والاجتماعيّة. أمّا الّذين عارضوا تشريع الموت الرّحيم فعارضوه للأسباب التّالية:
·       المطاطيّة في استخدتم القانون وتفسيره، إذ يمكن التّحايل على التّشريعات. في هولندا مثلاً 41% من الأطبّاء يطيعون القانون، 27% اعترفوا بقيامهم بالـ"يوثنيزيا" من دون إرادة المريض. لذلك، يحمل معظم الشّعب الهولنديّ اليوم بطاقة تؤكّد أنّه لا تجوز مُمارسة الموت الرّحيم عليه من دون إرادته.
·       عدم تحديد المرحلة الّتي يمرّ فيها المريض حيث يطلب الـ"يوثنيزيا". لأنّ أيّ مريض يعاني داء عضالاً، قد يمرّ في عدّة مراحل وهي الإنكار، الغضب، الرّفض، الاكتئاب، ومن ثمّ القبول والتّسليم. ففي أيّ مرحلة يُؤخَذ القرار؟ ألا تؤثّر المرحلة في نوعيّة القرار؟
·       مُمارسة الضّغوط على المريض بهدف الحصول على إرث، أو لجعله يشعر بأنّه عبء على أهله.
·       تشكيل خطر على مجموعات ضعيفة في المجتمع، كمرضى "متلازمة داون" (المنغوليّة) مثلاً.
·       الخوف من استعمال الـ"يوثنيزيا" لمرضى من دون إذنهم.
·   تزعزع الثّقة بمهنة الطّبّ، وزوال المصداقيّة بين الطّبيب والمريض بسبب تحوّل دور الطّبيب إلى مُتحكِّم في الحياة بدلاً من أن يكون مؤتَمنًا للمحافظة عليها.