أخبار الآن | درعا – سوريا – (عبد الحي الأحمد)

تشديد الإجراءات الأمنية على طول الشريط الحدودي بين الأردن وسوريا وسماح المملكة الأردنية للعائلات فقط بدخول أراضيها، دون السماح للشباب أن يدخلوا سوى برفقة عوائلهم ومن خلال معبر وحيد هو معبر رويشد الذي يقع بمحافظة السويداء، دفع بالمئات من الشباب القاطنين في المناطق المحررة بدرعا إلى النزوح من أقصى جنوب سوريا إلى أقصى شمالها، أي إلى تركيا.. أخبار الآن التقت سليمان أحمد، شاب من درعا قطع تلك الرحلة الطويلة للوصول إلى تركيا..

يقول سليمان: "وصلت لمنطقة اللجاة شمال درعا بحدود الساعة العاشرة صباحا، ولتقيت بمهرب تواصلت معه قبل أن أقرر عبور هذا الطريق.. تحركنا من منطقة اللجاة مع غياب الشمس، كنا 20 شاباً ومعنا المهرب، بحكم أن الطريق كان وعر وخطر، ويجب أن نجتاز مناطق تحت سيطرة الأسد، اضطررنا للمشي مسافة 30 كيلو متراً بعد ما دفع كل واحد منا مبلغ 25 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل (150$) ليتم تسليمنا لمهرب آخر، مشينا معاه مسافة 10كم حتى نصل لأول منطقة تابعة لثوار ريف دمشق".

يلجأ الشبان الذين قرروا السير بهذا الطريق إلى التنقل بين عدة مهربين من منطقة إلى منطقة، هؤلاء المهربون هم عبارة عن مجموعة من تجار البشر الذين يجدون فرصتهم الكبرى لجمع أموال طائلة بشكل يومي، نظرا لكون عمليات التهريب لاتتم إلا بعد أن يصبح عدد الهاربين بالعشرات، وسير هذا العدد بمناطق حساسة تتبع لقوات الأسد، قد يشكل خطرا على حياتهم جميعا باعتبار أن من يسلك هذا الطريق ملاحق أمنيا من قبل أفرع مخابرات النظام.

يتابع سليمان: "وصلنا ريف الشام ونمنا في خيمة لليوم الثاني، كنا ننتظر المهرب الجديد الذي سينقلنا إلى منطقة البوكمال، ربما ننطلق بنفس اليوم ورما ننتظروا اسبوعاً كاملاً، لكن من حسن الحظ جاء المهرب بنفس اليوم وركبنا معه بالسيارة المغلقة وكنا كـ (الأغنام) ولا نعرف مدى خطورة الطريق، كون الطريق طويل ومعظمه تابع لبادية حمص".

من أحضان تجار البشر لأحضان داعش، ينتقل الفارين إلى المرحلة الثانية من الطريق إلى تركيا، حيث يتعرض جميع الشبان للمسائلة والتحقيق معهم لدى مقرات التنظيم، للتأكد من كونهم لاينتمون للجيش الحر أو أي تنظيم آخر، كون جميع هذه التنظيمات محاربة من قبل داعش ويجب القصاص من أفرادها إما بالسجن أو الجلد، بعض القادمين من درعا تم إيقافهم لعدة أسابيع لدى سجون التنظيم بحجة الانتماء لجماعات مرتدة على حسب وصف الدواعش!..

يضيف سليمان: "في سجن داعش التقيت بسجين كان محكوم بـ 50 جلدة، والسجن لمدة شهر.. أما التهمة فكانت (تحديد الحواجب)، وكان هناك أشخاص حكم عليهم بالاعدام بتهمة التعامل مع الأسد، الحمد لله أخرجونا بعد ما تم عرضنا على القاضي وأعطانا ورقة تسهيل مرور على حواجز التنظيم"

الخروج من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش هو نهاية رحلة النزوح الأصعب والأطول في سوريا، حيث لا يتبقى سوى عدة كيلو مترات للوصول إلى الأراضي التركية.. هذه الطريق التي يسلكها شباب درعا للوصول إلى تركيا، لا تقل خطورة عن عبور البحار إلى دول اللجوء الأوروبية.