لم يبق لنشطاء الرقة مكان في مدينتهم، بعد سيطرة داعش عليها، حالهم اليوم أصبح مشابها لحال معظم الناشطين الذين رفضوا الانضواء تحت جناح داعش، فما كان باستطاعتهم إلا الهروب خوفا من اعتقال أو اختطاف أو رصاص يصيبهم في مقتل.

جوليا فتاة من الرقة اختارت الإنضمام لصفوف الثورة منذ بدايتها، فتركت جامعتها وتفرغت للثورة كليا. عملت في الإعلام والإغاثة، وشاركت في معظم الفعاليات المدنية السلمية، حتى تم السيطرة على مدينتها من قبل التنظيم، فاضطرت إلى مغادرة المدينة خوفا على حياتها كباقي النشطاء.

تروي جوليا لأخبار الآن عن المشاكل التي واجهتها بعد مغادرتها مدينتها فتقول: "خرجت باحثة عن أمان في بداية الأمر، ثم بدأت بالبحث عن فرصة عمل لأستطيع العيش بكرامة في هذه الغربة لا أحمل شهادة جامعية كحال معظم الشباب هنا، فقد اضطررنا لترك دراستنا خوفا من الإعتقال على حواجز النظام ".

وتكمل جوليا حديثها فتقول: "في كل يوم أخرج منذ الصباح أسأل المنظمات والإذاعات والهيئات وغيرها عن فرصة عمل، بعضهم يطلبون الخبرة، وأنا لم أعمل بعد لأمتلكها، والبعض الآخر يطلب الشهادة التي لم أحصل عليها، ومعظمهم يطلبون الواسطة التي لا أرضاها فنحن خرجنا لنلغي هذا المفهوم الدارج ".

تستشهد جوليا ببعض الحالات التي رأتها أيضا: "صديقي مجد يخبرني بأنه وبعد سبعة أشهر استطاع إيجاد عمل في مكتب لإحدى القنوات الإعلامية وراتبه لا يتجاوز 500 دولار، وهي لا تكفي حتى لدفع أجرة المنزل".

أما "سامر" الذي خرج من سوريا قبل سبعة أشهر فلا يزال يبحث عن فرصة عمل. يقيم سامر مع شابين من الرقة، أحدهما يعمل والآخر عاطل عن العمل يدبرون أمور معيشتهم معا براتب صديقهم فقط.

وتتابع جوليا حديثها فتقول: "في حديقة صغيرة بجانب منزلنا هنا صادفت" عمار "، وهو شاب تخرج في كلية الحقوق، أخبرته أني هنا منذ شهر أبحث عن عمل وإن كان بإمكانه مساعدتي في ذلك، إذ أنه مقيم في تركيا منذ الشهر التاسع 2013، فضحك عمار وأجابني: "ياريت تلاقيلي بطريقك فأنا ما أزال حتى هذه اللحظة دون عمل، أحمل أهلي في الداخل ما لا طاقة لهم عليه من مصروف، ولكن يبقى ذلك بالنسبة لهم أفضل من بقائي في الرقة ومواجهة مصير مجهول على يدي داعش".

تصف جوليا أحوال أصدقائها في الغربة فتقول: "عندما أقابلهم في بعض الأحيان أجدهم معظم الوقت شاردين، يحملون همومهم في تقاسيم وجوههم التعبة، من دون بريق في أعينهم كما كانت في الرقة، فأهلهم ليسوا بجانبهم يشدوا من ازرهم".

وتختم جوليا حديثها بالقول: "في المقابل يستلم موظفو الحكومات والهيئات وغيرها من المؤسسات التابعة للمعارضة السورية في الخارج رواتب أجدها وأصدقائي نحن الباحثين عن عمل خيالية".

ما تزال جوليا حتى اليوم تحاول الحصول على فرصة عمل وكلها أمل في إيجاد وظيفة تستطيع من خلالها العيش بكرامة، وإلا فإنها ستضطر إلى العودة إلى مدينتها الرقة على أمل أن تغفل عنها أعين تنظيم داعش.