أخبار الآن | حلب – سوريا ( ثائر الشمالي )
 

"المدينة الأخطر في العالم" عند سماعك هذه العبارة ربما يخطر ببال أحدنا أنها مدينة غير مأهولة بالسكان أو مدينة أشباح وربما ما نقرأه في الروايات والأفلام وقصص الخيال لكن في الحقيقة المدينة الأخطر في العالم مأهولة بالسكان وليست مدينة أشباح رغم مشاهد الدمار والخراب ورغم نزوح المئات خارج المدينة إلا أن كثيرين لا يزالون يعيشون فيها يسكنون منازلهم وبيوتهم والبراميل تستهدفهم بشكل شبه يومي هذه المدينة هي مدينة حلب شمال سوريا.

حلب المدينة الأكثر دمارا والأكثر خطورة والتي تتعرض بشكل يومي لعشرات الغارات حالها حال الكثير من المدن السورية ويسقط العشرات من أبنائها بين قتيل وجريح جراء استهداف القوات التابعة للنظام بكل أنواع الأسلحة.

هذه المدينة الأخطر ورغم مخاطر العيش فيها لايزال الأطفال صامدون مع عائلاتهم إذ لا مأوى أخر يذهبون إليه، فضلوا البقاء رغم المخاطر لم تمنعهم طائرات النظام وقصفه المستمر من اللعب في الشوارع وحقهم في الحياة رغم الألم رغم الدمار رغم المخاطر وافتقارهم لأبسط مقومات الحياة. ريتاج وهبة طفلتان تعيشان في حي طريق الباب يلعبون في الشارع وعلى بعد بضع أمتار فقط كانت طائرة تابعة للنظام قد شنت غارة جوية إلا أنهم اعتادوا هذا المشاهد، مشهد كفيل بأن يدب الرعب والخوف لأي إنسان لكن الوضع في حلب بات مختلفا ويراقب الأهالي كبارا وشيوخا ونساءا ورجالا و أطفال جميعهم يراقبون الطائرة وهي تقصف الأحياء السكنية.
 
ريتاج الطفلة التي لم تمنعها الغارة الجوية من متابعة لعبها في الشارع تقول: "لماذا نخاف من الطائرة كنا في السابق نخاف عندما نسمع صوتها لكننا الآن اعتدنا الأمر عندما أسمع صوتها أختبئ تحت البرندة أي الشرفة وبعد أن تنتهي غارتها أعود لأتابع اللعب.
 
تضيف الطفلة والتي كانت شاهدة على الكثير من الغارات التي استهدفت مدينتها قبل أيام شعرت بالخوف قليلا بعد أن قصفت طائرة بناية في حيينا وقتل الكثير من الناس. ريتاج طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات فقط حرمت من حقها في التعليم واللعب بسبب ألة الحرب التي لم تستثني أحدا وقتلت الجميع ولكن بعد 4 سنوات تصر الطفلة حالها حال الكثير من أطفال سوريا تصر على الإستمرار في الحياة واللعب بعد أن فقدت الطفولة كل حقوقها في هذه المدينة بسبب العنف الذي تشنه القوات التابعة للنظام.
 
سائر طفل أخر من حلب يقطن مع عائلته الفقيرة أحد الأحياء ولم تستطع عائلته النزوح خارج المدينة لأنهم لا يملكون أي شيء ولم يكن أمام سائر سوى التأقلم مع حياته اليومية رغم القصف وبراميل الموت.
 
سألنا سائر هل تخاف من الطائرة فنظر وقال بصوت عال: "أنا ما بخاف عندما أكبر سأصبح جندي في الجيش الحر وسأحارب بشار لأنه يقصفنا ويقلتنا قصف جيراننا وماتوا".

كلمات يجب التوقف عندها كثيرا كيف تركت هذه الحرب والدمار والمشاهد القتل وخسارة جيرانهم أثرها في نفسية هذا الطفل وعن طموحه وهدفه الذي تحول لأن يكون جندي هنا حيث الأطفال يعيشون رغم كل شيء، لكنهم صامدون إذ لا مكان أخر يلجأون إليه خصوصا أن عائلتهم لا معين لها سوى الله.
 
خلال الحديث مع هبة أصرت أن ترينا إحدى ضحايا القصف وكانت المفاجأة عندما اصطحبتنا لترينا طائرا قتل بشظية خلال قصف القوات التابعة للنظام أحد المباني المجاورة، وهي تقول شوف شو عمل شايف عمو كيف عم يقصفونا. "شو دخل الطير مو حرام شايف كيف أبيض كنت ألعب معه وطعميه كل يوم بس هلق قتلوا"

بعد أن تسمع هذه الكلمات من طفلة لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات تدرك كيف أصبح أطفال أخطر مدينة في العالم والألم الذي يعيشونه كل يوم الفراق وخسارة أحد الجيران أو الأقرباء أو أصدقاء الحي. أطفال حلب خصوصا وسوريا عموما حالهم لا يختلف كثيرا بسبب استهداف القوات التابعة للنظام الذي لا يتوقف واستخدام كل أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران والبراميل.

أطفال خسروا أبسط حقوقهم في التعليم والعيش بكرامة وسلام ورعايا صحية، الحرب والدمار والمشاهد المؤلمة سرقت منهم الطفولة سرقت أحلامهم وألعابهم وأصدقائهم، أحلامهم البريئة والبسيطة سرقت، أصبحت ألعابهم ترتبط بمشاهد العنف والدمار الذي تخلفه الطائرات التابعة للنظام وبراميل الموت التي لا تفرق بين صغير وكبير ورغم كل ذلك أطفال أخطر مدينة في العالم سيلعبون ويستمرون في حياتهم.