أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا – (سيف الدين محمد)

مضى على اللاجئين السوريين في تركيا، في مدينة غازي عنتاب، أكثر من ثلاث سنوات، أحرزوا فيها درجات متقدمة من الانسجام مع المجتمع التركي، بفضل تقارب المناخ الاجتماعي والديني. وبات السوري يتشارك مع المواطن التركي المناسبات الاجتماعية والدينية خاصة بسبب التجانس بين الثقافتين بخطوطها العريضة.

رمضان بطعم الحنين ..

ويأتي شهر رمضان المبارك هذه السنة، مترافقا مع تزايد لجوء الشعب السوري خصوصا في الشهر الأخير، وهو ما يطغى على أجواء الشهر الكريم في نفوس السوريين في تركيا عامة والمدن القريبة من سورية خاصة.

يعيش السوريون في مدينة غازي عنتاب الحياة اليومية بين العمل وتحسين شروط حياتهم، مع الهاجس الأكبر في حلم العودة إلى سورية. وتطل ذكريات الحنين هنا مع قدوم شهر رمضان، الذي يعني في ثقافة المواطن السوري علاقات الرحمة والتكافل الاجتماعي والتسامح. وتحاول الكثير من العائلات السورية هنا أن تمارس طقوسها الرمضانية وكأنها في موطنها الأم. تقول السيدة "حنان أم عثمان": "نعيش أجواء شهر رمضان هنا ونستذكر مدينة حلب، نحن في منطقة تعج بالسوريين "يادي تبه"، وتوجد الكثير من محلات الطعام السوري، كما أن الشعب التركي هنا محافظ ومتدين ويمارس طقوس رمضان كما نفعل، لكن تبقى في القلب غصة وحنين لسهرات رمضان في مدينة حلب".

أما السيدة "أم رامي" الحلبية أيضا، فترى أن هذا الشهر هو: "فرصة للميسورين السوريين في مد يد العون والمساعدة لإخوانهم هنا، من العائلات الفقيرة التي تعيشها كفاف يومها، وهو ما يمكن أن يقربنا أكثر من بعضنا، فالمآسي تجمع أبناء الوطن، وهو ما يجب أن ينتبه له أبناء سورية هنا".

فرص عمل موسمية ..

لا تكاد تمشي في شوارع مدينة عنتاب، خاصة المناطق التي ينتشر فيها السوريون، إلا وتجد الباعة الذين وجدوا في رمضان فرصة للعمل المؤقت كالقيام ببيع مشروب العرقسوس المرتبط بطقوس هذا الشهر والعصائر المتنوعة وخبز "المعروك".

"عبد الجبار" فتى في الرابعة عشرة من عمره، يقف في أحد شوارع السوق الشهيرة في عنتاب "التشارشي" لبيع العرقسوس، يرى: "هذا الشهر فرصة لتجميع بعض النقود أساعد بها عائلتي، ولا أعرف ماذا سوف أعمل بعد العيد، رمضان كريم فأنا أبيع كل البضاعة يوميا بوقت مبكر".

ويحدث أحيانا أن تجد كرتونة مكتوب عليها (يوجد لدينا معروك وتمر هندي) معلقة على أحد واجهات البيوت في أماكن سكن السوريين.

"أم فراس" القادمة من ريف حلب، تسكن في غرفة في منطقة شعبية "بازار إيران" تعمل هي وأولادها الصغار "أكبرهم في العاشرة" في بيع كماليات شهر رمضان من معروك وتمر هندي وبعض الحلويات: "أصنع هذه الأشياء في بيتي وأبيعها أيضا، لا أستطيع ترك الأولاد وحدهم ولا أملك أجرة محل أو "بسطة".

رمضان القادم في سورية ..

قمنا بسؤال العديد من السوريين هنا وفي مناطق مختلفة عن أمنياتهم وتوقعاتهم للسنة المقبلة، فيرى "أبو حمزة" من قرية حريتان في حلب أن الأمل كبير بسقوط النظام أو: "على الأقل تحرير الشمال السوري كاملا، وهو يعني عودتنا إلى مدينة حلب وإعادة إعمارها ونعيش شهر رمضان القادم هناك".

وتقول "صبرية" الطالبة الجامعية أن ما جرى حتى الآن يكفي "رمضان القادم إن شاء الله سنكون في سورية الحرة وسوف نداوم في جامعاتنا السورية".

"محمد" فتى في الثانية عشرة من عمره يبيع "الذرة" على عربة يجرها يحلم بالعودة إلى حلب: "أتمنى أن أعود إلى حلب وإلى مدرستي، لقد نذرت الصيام في غير شهر رمضان لو رجعنا إلى سورية".

وسط تعب الصوم في هذا الجو الحار جدا في الصيف الساخن في عنتاب، يبدو أن السوريون يعيشون على أمل أن يكون رمضان الحالي هو آخر شهر للصوم خارج الوطن، فالحنين إلى سورية في شهر البركة لا يفوقه حنين آخر، إنه سورية الحرة .. ورمضان القادم في الوطن.