أخبار الآن | عمّان – الأردن – (حسام يوسف)

ارتبط توافد اللاجئين السوريين إلى المملكة الأردنية، بإنشاء الكثير من المشاريع والاستثمارات السورية في الأردن، والتي لم تقف فقط عند حد الاستثمارات الكبيرة وإنما امتدت إلى عشرات المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فيما شابه إحياء للتجربة الصينية على الأراضي الأردنية ولكن بأيدي سورية، لتنبع من هنا أهمية تلك المشاريع بالنسبة للاقتصاد المحلي الأردني من وجهة نظر محللين اقتصاديين.

الحرف اليدوية على رأس المشاريع الصغيرة والسوري كمّل الأردني ولم ينافسه

تصدرت الحرف اليدوية السورية قائمة المشاريع السورية الصغيرة في عمان، نظراً لإتقان معظم السوريين المتوافدين إلى الأردن لمهن يدوية تقليدية وحرفية سورية عتيقة أحياناً، وحديثة في أحيان أخرى، ووفقاً لما قاله رامي بيطار صاحب أحد ورشات التحف الشرقية في العاصمة عمان، والذي أكد لموقع أخبار الآن أن اليد السورية العاملة في الحرف أدخلت إلى السوق الأردنية نمطا جديدا من المهن، لاسيما وأن صناعة الشرقيات والخزفيات تعود في سوريا إلى مئات السنين.

ولفت بيطار إلى أن انتشار الحرف اليدوية السورية في السوق الأردنية وارتفاع عدد المحال العاملة فيها خلال العام الماضي زاد من نسبة الإنفاق السياحي لاسيما وأن الكثير من السياح الذين توجهوا إلى الأردن العام الماضي خاصة الخليجيين منهم كانوا معتادين على شراء الخزفيات والمنتجات اليدوية من سوريا قبل الثورة.

وأضاف بيطار: "دخول الحرف اليدوية السورية لم ينافس الحرف اليدوية الأردنية وإنما كلاهما يكمل الآخر، لاسيما أن في الأردن عدد كبير من الأيدي الماهرة خاصة من ناحية التطريز على الأقمشة والزي التراثي الأردني، وهنا يمكننا القول إن حرفيي سوريا والأردن كملا بعضيهما ولم يتنافسا".

في السياق ذاته، أكد ابو محمد صاحب إحدى ورش الحفر على الخشب أن الحرفيين السوريين والأردنيين اليوم باتوا قادرين إقامة سوق للمنتجات الحرفية قادر على المنافسة على مستوى العالم، على شاكلة سوق خان الخليلي في مصر مثلا وسوق الحميدية في سوريا، خاصة وأن الحرفيين السوريين استقروا اليوم الأردن.

حرف جديدة وشركات ترويج خاصة للمنتج السوري وبازارات

أكبر المؤشرات على نجاح الحرف اليدوية السورية في الأردن كان نشوء العديد من شركات الترويج الخاصة لتلك الحرف، ومن بينها شركة "نايفة" التي أكدت مديرتها العامة سارة الحمصي أن فكرة إنشائها جاءت بعد الإقبال الكبير الذي شهدته المنتجات الحرفية السورية في السوق الأردنية، لافتةً إلى أنها وبعد قرابة العام من العمل في هذا المجال تمكنت من لمس الانتشار الكبير للمنتجات اليدوية، مضيفةً: "عندما بدأت شركتي كنت أتعامل مع 10 حرفيات سوريات على اعتبار أن شركتي مختصة بأعمال اللاجئات، وأنا اليوم وخلال عام بت أتعامل مع منتجات 25 لاجئة سورية حرفية، وهو ما يعكس حجم النجاح والرواج لتلك المنتجات".

وأضافت الحمصي: "نجاح المنتجات اليدوية السورية لم يقتصر فقط على زيادة الاقبال عليها، وإنما امتد إلى قدرتها على إدخال صناعات يدوية جديدة إلى السوق الأردنية مثل "الكروشان" أو ما يعرف بعمل السنارة، وكرسي الأطفال، والصابون وتلوين الزجاج والشموع، بالإضافة إلى تحديث عدد من الصناعات اليدوية التي كانت قائمة فيما سبق، وتمكنت اليد الحرفية السورية من فرض نفسها كرقم صعب في مجال العمل الأردني".

واعتبرت الحمصي أن اعتماد الكثير من المجموعات الخيرية في بازاراتها التي أقامتها في عمان على المنتجات اليدوية السورية هو دليل جديد ومؤشر على نجاح هذه المنتجات، لافتة إلى أن تلك البازارات تعتمد على اكثر المواد رواجا لتحقيق أكبر عائد مالي وتوزيعه على العوائل السورية المحتاجة.

حرفة متقنة وأسعار متفاوتة

بالحديث عن أسعار المنتجات اليدوية، لفتت الحمصي إلى أن اتقان اليد السورية لعملها الحرفي فرض أن تكون الأسعار نوعا ما مرتفعة على اعتبار أن المنتجات تعمل باحترافية وعناية، وهو الأمر ذاته الذي أكد عليه أبو عمر صاحب ورشة للشرقيات والخزفيات، مشيرا إلى أنه السعر دائما يكون مرتبط بالوقت الذي يحتاجه انجاز القطعة ومدة اتقانها.

وفي ذات الوقت، أشار كلا من الحمصي وأبو عمر إلى وجود بعض القطع منخفضة السعر وهي القطع الصغيرة التي لا تحتاج إلى مواد عالية الجودة أو وقت طويل لإنجازها، لافتين إلى أن هذا النوع من القطع لا يلقى الرواج ذاته الذي تلقاه القطع الاحترافية على اعتبار أن أكثر المقبلين على شراء المصنوعات اليدوية هم المهتمين باقتنائها.

معوقات تحد من المنافسة ما وراء الحدود

كافة الحرفيين السوريين لاسيما المختصين بترويج المنتجات الحرفية أكدوا قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية، مؤكدين أنهم تلقوا عروضا من دول خليجية للتصدير، حيث أشارت سارة الحمصي "مديرة شركة نايفة" إلى أن الكثير من السياح الخليجيين الذين اطلعوا على المنتجات عرضوا استيراد كميات منها إلى بلادهم خاصة وأن عددا منهم كان يتعامل مع صناع سوريين قبل الثورة، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في القدرة على ترخيص شركات الترويج في الأردن والتي تشترط وجود حساب بنكي بـ 50 ألف دينار.

السوريون أحيوا التجربة الصينية بشكلها المصغر في عمان

من وجهة نظر خبراء الاقتصاد والمحللين الماليين، فإن التجربة الحرفية السورية أحيت التجربة الصينية لكن بشكلها المصغر في عمان على اعتبار أن تلك الحرف تندرج ضمن المشاريع الصغيرة ذات الكلف المنخفضة، وهو ذات النموذج المتبع في الصين والتي باتت اليوم الاقتصاد الأكبر في العالم.

الخبير الاقتصادي محمد خير علي اعتبر أنه على الرغم من ان الفارق بين التجربة السورية عموما والتجربة الصينية في المشاريع الصغيرة والمتوسطة لا يزال كبيرا نظرا لفرق الامكانيات بين الدولتين.

ولفت علي إلى أن أهم ما في المشاريع السورية في عمان خاصة الحرفية منها، انها ساهمت في الحد من أعباء اللاجئين لاسيما وان عدد كبير منهم وبالأخص اللاجئات يتقن أعمالا يدوية عديدة أقلها أعمال الصوف والتطريز.