أخبار الآن | بيروت – لبنان (مالك أبو خير)

"ياجار مابعرف كيف بدي خبرك.. ولادك امهن رمتهن بالطريق وراحت، فكرت انك متت بفرع الجوية قام رمتهم بملجأ للأيتام وتجوزت شريكك أبو مهند وراحت معه على تركيا عم يشتغل هونيك، حاولنا نقنعها انو هالحكي ما بيصير بس هي قالت بدها تشوف حياتها وما بدها تكمل عمرها ارملة".

الأم تزوجت شريكه بالعمل، وباعوا كل ما أمكن بيعه ورحلوا إلى تركيا، لكن المصيبة ليست بزواجها بالنسبة إليه وانما مصير ابنته وابنه المجهول لديه، فدار الايتام التي حدثه جاره في السكن عنها نفت وجود الاطفال لديها، حيث ان الام وضعهتم بعد شهر واحد فقط من اعتقاله وبعد مرور شهرين فقط جاء أخاه وسحبهم من الدار ليتكفل برعايتهم مع اطفاله الثلاثة، وقد تعرض هو الاخر لمداهمة قُتل خلالها بعدما قاوم بسلاحه الفردي، فيما اختفت زوجة اخيه مع كل الاطفال ولم يعرف احد طريقها. شتات وتشرد ما بعده ضياع عاناه أبو حسام وهو يبحث عن اطفاله، فقد خرج ليجد زوجته قد باعت منزله بعقد مزور، فيما اخاه الوحيد قد قتل، ولولا أن أخته المغتربة لم تقف الى جانبه وتقدم له المال لكان مشردا في شوراع دمشق.

طوال ستة اشهر وهو يبحث عن زوجة أخيه، البعض يؤكد له اعتقالها مع الاطفال بعدما قُتل زوجها، والبعض الاخر أكد له أنها خرجت بعد يومين من فرع فلسطين الذي اعتقلت فيه، وذهبت الى منزل اخيها في حلب، بعد اتصاله بأخيها تبين أنه بدوره يبحث عنها منذ حادثة اعتقالها وقتل زوجها ولم يجد لها أي اثر لدرجة بات يعتقد انها توفيت مع اطفالها وبات فاقداً للأمل بوجودهم.

شعور الأب كان على يقين أنهم أحياء، بحث عنهم في اغلب مناطق دمشق حيث تتواجد اسر لاجئة طوال اشهر دون أي اثر، يسأل عنهم لدى المكاتب العقارية والدكاكين وحتى بين من يعرف أنهم يعملون في مجال الاغاثة، استمر على هذه الحالة حتى عثر على أول الخيط لطريق أولاده، حين سأل أحد اصحاب المحلات في مدينة جرمانا بريف دمشق، وبعد أن شاهد صورهم أكد أنهم كانوا يسكنون في نفس الحي لكنهم انتقلوا الى مدينة السويداء واستقروا هناك.

يتابع الأب الملكوم: " بقي صاحب الدكان لمدة ساعتين يتصل باقاربه في السويداء يبحث عن زوجة اخي والاطفال، اتصل باقارب واصدقاء له في السويداء، وشهبا، وعريقة الى ان اكد له إبن عمه انهم يقطنون في بيت بمدينة السويداء وهو من أمن لهم المنزل بنفسه، لم استطع أن اتمالك اعصابي حيث سافرت بنفس الساعة الى السويداء وكان بانتظاري ابن عم صاحب الدكان الذي استقبلني في الكراج واوصلني اليهم".

طوال ساعة كاملة لم تتوقف دموع الاب وهو يغمر أطفاله وأطفال أخيه، حتى الرجل الذي اوصله اليهم جلس بجانبه وشاركه البكاء ايضاً، كانت لحظات أعتقد انها كانت تحتاج الى تصوير فالكلمة تعجز عن شرحها.

يتابع الاب: " تبين ان زوجة اخي لجأت الى السويداء خوفاً من تعرضها الى الاعتقال مرة اخرى بعد مقتل اخي، وبقيت فيها الى حين وصلت انا اليهم، حيث لم اجد امامي سوى حل واحد ان اقوم بلم شمل الجميع وارحل انا وهم خارج سورية، حيث طلبت يدها للزواج وعرضت ان نكمل حياتنا سوياً ونقوم بتربية اطفالي واطفال اخي ووافقت.

بقيت هي في السويداء فيما قمت باستخراج جواز سفر لي وسافرت الى تركيا بعد ان ساعدتني اختي بمبلغ امن لي الوصول عبر البحر الى اليونان ومنه الى السويد، حيث بقيت هناك لاشهر حتى استطعت ان اقوم بلم شملهم مرة اخرى، وحاليا نعيش سوياً بعد رحلة عذاب لي ولهم استمرت سنة ونصف". سالته: الم تفكر بان تذهب الى شريكك وزوجتك السابقة وتواجههم عما فعلوه معك، ان تقف ولو للحظة امام زوجتك وتسالها كيف استطاع قلبها ان تتضعهم في الميتم وترحل … فأجاب :"الأم التي تترك اطفالها لاينفع معها اي مواجهة ولا أي سؤال.. وحده عقاب الله لها يكفيني.. وانا متأكد ان العقاب اتي لها ولشريكي لا محالة".