أخبار الآن | حلب – سوريا – (محمد وسام)

يوماً بعد يوم تتكشف تفاصيل المعلومات المسربة التي تتحدث عن أزمة كبيرة تضرب القوّة العسكرية لـ "داعش" تتمثل بنقص كبير في أعداد المقاتلين لديه.

وكانت العديد من الصحف والتقارير الدوليّة والمحليّة قد سرّبت أنباء متعلقة بذلك، في حين تؤكد شهادات الأهالي من مدن وبلدات تقع تحت سيطرة "داعش" التخبط وعدم الاستقرار الذي تعيشه المجموعات العسكرية التي أنشأها، ليضاف إلى ذلك تراجع قوّة التنسيق التي كانت تتمتع بها المجموعات المقاتلة في صفوفه.

خلل أمني وعسكري داخل المدن ..

وفقا لعدّة لقاءات أجريت مع أشخاص قادمين من مدن وبلدات يسيطر عليها "داعش"، كان الإجماع على محاولته، بطرق ووسائل شتى، تجنيد المزيد من الشباب بغية إرسالهم إلى جبهاته القتالية.

(أبو سمير)/اسم مستعار/ تاجر يعمل في حلب يروي تفاصيل رحلته الأخيرة إلى مدينة الباب، إحدى أبرز المدن التي يسيطر عليها داعش بريف حلب الشرقي، حيث تعتبر المدينة مركزاً تجاريّاً للعديد من السلع التجارية.

يقول: "إن مدينة الباب تعيش حالياً حالة من القلق والترقب، إذ أن حاجز التفتيش الوحيد هو حاجز دخول المدينة، يغيب بعدها بشكل كبير عناصر التنظيم وحواجزه العسكرية".

ويصف لأخبار الآن المشهد كما يبدو وسط المدينة وفي سوقها الشعبي فلا جولات لعناصر "داعش" المسلحين في الأسواق كما كان الأمر في الأيام الماضية. ورغم الغياب الجزئي للعناصر إلا أن معالم "داعش" ما زالت تسيطر على أجواء وشوارع المدينة حيث السواد المنتشر والرايات السود تعلو المحلات التجارية، إضافة إلى اللباس المفروض على النسوة النادر وجودهن في شوارع الباب.

يقول أبو سمير: "مكثت عدّة أيام في مدينة الباب لأشتري البضائع وأنقلها إلى حلب، شوارع المدينة شبه خالية من العناصر باستثناء شرطة المرور التابعة لداعش وعمال الخدمات على أطراف الطريق، حتى المؤسسات الخدمية تم تقليص عدد موظفيها".

يبرر أبو سمير ذلك بأن معظم العناصر انشغلوا بسد النقص على جبهات القتال، وألغيت كافة الحواجز العسكرية التي كانت منتشرة في المدينة وتم تقليص عدد النقاط الأمنية إلى النصف.

قتلى "داعش" في المواجهات العسكرية ..

يعود أهم أسباب نقص المقاتلين لدى "داعش" إلى ارتفاع أعداد القتلى التي خسرها في الفترة الأخيرة سواء في المعارك والمواجهات العسكرية أو خلال غارات طائرات التحالف الدولي التي تستهدف مقرات التنظيم بشكل يومي على مدار الأشهر الماضية.

"يومياً يأتي إلى مدينة الباب عشرات القتلى"، أكد التاجر الذي يعمل على خط حلب- الباب، ويكمل: "إن "داعش" يخسر أسبوعيّاً أعدادا كبيرة من المقاتلين الذين غالباً ما يقضون جراء قصف طائرات يرجح أنها للتحالف الدولي".

ويقول أبو سمير إن التنظيم يعتمد سياسة التعتيم الإعلامي على قتلاه حيث لا جنازات ولا تشييع للقتلى، مشيراً إلى أن المشفى العسكري غصّ بعشرات الجثث والجرحى وسط المدينة (شاهد ذلك خلال زيارته الأخيرة) نتيجة غارة مفاجئة شنها التحالف يوم السبت في الأول من شهر أغسطس الجاري.

المعارك التي خاضها مقاتلوه ضد مقاتلي الأكراد ساهمت أيضاً بخسارته لمجموعة كبيرة من جنوده، حيث أكدت مصادر إعلاميّة بينها المرصد السوري أن ما يزيد على خمسين مقاتلاً لداعش سقطوا خلال معركة السيطرة على مواقع شمال الرقة، ناهيك عن المعارك التي اندلعت على مشارف مدينة عين العرب مدعومة بغارات التحالف الدولي.

القوة البشرية لـ"داعش" التي تعتمد بالدرجة الأولى على استجلاب الشباب لاسيما من دول إفريقيا وشرق آسيا أضحت في انحدار. وفي هذا يرى "أنور حسام" الخبير في شؤون الجماعات المتشددة:"أن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها أجهزة الأمن حول العالم ساهمت في التضييق على الأشخاص الراغبين في الانضمام لداعش. كما اتخذت الحكومات الأوربية عدّة إجراءات على مواطنيها خاصة أولئك الراغبين في السفر إلى الدول المجاورة للمناطق المسيطر عليها من قبل داعش".

أمام القوى الدولية الآن فرصة لضرب شريان الإمداد البشري لداعش في ظل التخبط الذي يعصف بمجموعاته القتالية. ويتزامن ذلك مع الحديث عن منطقة "آمنة" تقول تركيا إن أحد أهدافها توجيه ضربات موجعة له على الحدود السوريّة التركيّة بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية.