أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (متابعات) 

يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للاعنف، وهو يوم ميلاد الزعيم الهندي الكبير مهاتما غاندي مؤسس الهند الحديثة وقائد الاستقلال ورائد فلسفة اللاّعنف والمنظم لحركتها الاستراتيجية .

ومنذ عام 2008 ينعقد الاحتفال سنوياً بعد إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم ميلاد غاندي الموافق للثاني من أكتوبر/تشرين الأول يوماً عالمياً للتسامح.

وجاء في قرار الجمعية العامة ان هذا اليوم هو مناسبة لنشر رسالة اللاّعنف، بما فيه عن طريق التعليم وتوعية الجمهور مع تأكيد الأهمية العالمية لمبدأ اللاّعنف والرغبة في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاّعنف .

قدّم القرار للتصويت عليه 140 دولة، وهو أمر نادر الحدوث أن يعرض هذا العدد من الدول على الجمعية العامة مشروع قرار، وهو ما يؤكد اتساع وتنوع حجم المشاركة في تدعيم القرار الذي هو تعبير عن الاحترام العالمي للزعيم الهندي غاندي من جهة، والأهمية الراهنة لفلسفة اللاّعنف من جهة أخرى، فاللاّعنف حسب غاندي هو أقوى قوة في متناول البشرية . إنه أعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان .

وكانت حياة غاندي وأسلوب كفاحه العنيد مصدر إلهام لحركات اللاّعنف على المستوى الكوني، تلك التي تدعو إلى احترام الحقوق الإنسانية، ولاسيّما الحقوق المدنية للبشر، المقدّمة الأولى والتي لا غنى عنها للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، فضلاً عن التغيير الاجتماعي السلمي في مختلف مناحي الحياة، حيث ظلّ غاندي مخلصاً وملتزماً باللاّعنف في أقسى الظروف العنفية التي تعرّض لها الشعب الهندي على يد بريطانيا العظمى المحتلة لأراضيه .

لقد ارتفع منسوب العنف في السنوات الأخيرة، من خلال حركات وتيارات متشددة وأعمال إرهاب دولية ومحلية أدت إلى توتير الأجواء، بل سمّمت الهواء بفايروس العنف والإرهاب، وقد شهد العراق عنفاً لا نظير له منذ احتلاله العام 2003 تداخل فيه ما هو عدواني دولي بما هو إقليمي وداخلي، وخصوصاً في ظل نزعات طائفيات وإثنية لا تزال تعصف بالمجتمع العراقي، وتشهد سوريا اليوم عنفاً لا مثيل له، حين يسقط 100 قتيل كل يوم منذ أكثر من سنتين ونيّف وتُدمّر المرافق الحيوية والبنى التحتية والقوى البشرية المادية والمعنوية، ويرتفع حجم اللاجئين لأكثر من أربعة ملايين ومثلهم نازحون، منذراً بكارثة إنسانية مرعبة، اذ تقدّر الدوائر الدولية المختصة باللاجئين، أن الأزمة السورية هي الأكثر مأساة منذ الحرب العالمية الثانية، ولعلّها ستؤثر في جميع دول المنطقة، إنْ لم يتم وضع حد لها وإنهاء حالة العنف والتوجه صوب السلم الوطني والتحوّل الديمقراطي .

لقد تبنّت الكثير من الحركات السياسية والاجتماعية، لاسيّما التي تدعو إلى السلام فلسفة اللاّعنف في نضالها من أجل التغيير الاجتماعي، سواء على الصعيد الخارجي، برفض اللجوء إلى الحرب وسيلة لحل الخلافات وعبر الحوار والمفاوضات وطبقاً لقواعد القانون الدولي، أو على المستوى الداخلي الذي يفترض موافقة الناس على قرارات الحاكم، تلك التي تقتضي تفويضها له أو سحبها منه بقدر لجوئه إلى اللاّعنف والسلم في حلّ مشكلات البلاد .

وينقسم العمل اللاعنفي إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول يبدأ بالاحتجاج ومن ثم بالإقناع بعدالة المطالب ووجاهة الأهداف وقانونية وشرعية الوسائل، مثل المسيرات والاعتصامات، أما القسم الثاني فهو رفض التعاون مع السلطات تمهيداً لنزع الشرعية عنها بالعصيان المدني، ويتم ذلك بالمقاومة المدنية السلمية للاحتلال وبعض الرموز المتعاونة معه للارتقاء بالكفاح اللاعنفي إلى العصيان المدني، أي شلّ أجهزة الدولة ومؤسساتها، والقسم الثالث يتجه إلى التدخل غير العنفي بالضد من عمليات حصار الأمكنة واحتلال المواقع، من خلال مواجهة بشرية لا عنفية ضد استخدامات العنف أو احتمالات استخدامه، مثل الدروع البشرية والاقتحامات السلمية ومواجهة العنف باللاّعنف، ولعل أسطول الحرية نموذجاً لذلك، فحين أقدمت إسرائيل على قتل 9 مواطنين أتراك، تحركت قوى ومنظمات دولية لاستنكار العمل العدواني الإسرائيلي ونشبت أزمة دولية بين تركيا وإسرائيل لا تزال ذيولها مستمرة حتى الآن على الرغم من اعتذار الأخيرة كما كانت تطالب تركيا .