أخبار الآن | دمشق – سوريا (أحمد الدمشقي)

أطل فصل الشتاء على سوريا في الأيام القليلة الفائتة معلناً عن قرب قدومه واحتلاله الأجواء بعد صيف حارق شهدته معظم المناطق السورية، سبقه شتاء قارس لم تشهد البلاد مثيلاً له منذ سنين طويلة. ويعاني الأهالي في كل بقاع سوريا من الأحوال الجوية سواءً في الصيف أو في الشتاء بسبب تطرف الأجواء في الفصلين، وسط انقطاع شبه كامل لكافة أنواع التدفئة والتبريد عن جزء كبير من الأراضي السورية التي دمرت بنيتها التحتية بفعل ضربات قوات الأسد.

الطقس يعاند السوريين

وتسببت الأحوال الجوية في فصل الشتاء الفائت بمقتل العشرات من السوريين في الداخل وفي مخيمات النزوح، كما تسببت العواصف الرملية والحر الشديد بإصابة العشرات بضربات الشمس وبالاختناق نتيجة استنشاق الغبار، وسجل سقوط عدد من الضحايا أيضا.

من بين المصابين في العواصف الرملية الحاج "أبو محمد" الذي يقيم في دمشق والذي قال لمراسل الآن أنه نجا من الموت بعد أن انتابته حالة شديدة من ضيق التنفس بسبب انتشار الغبار والأتربة والارتفاع الشديد في درجات الحرارة المتزامن مع انقطاع كامل للتيار الكهربائي واستحالة الحصول على وقود لتشغيل مولد الكهرباء والحصول على بعض الهواء المنعش، ولولا مسارعة عائلة الحاج أبو محمد بنقله إلى إحدى المستشفيات "لكنا رحنا فيها" بحسب الحاج أبو محمد، والذي لم يفوت الفرصة لتحميل النظام كامل المسؤولية عن وضع الطاقة المزري في البلاد لاسيما وأنه مسؤول بشكل مباشر عن تعطيل وتدمير محطات توليد الكهرباء.

أما السيدة "سعاد" فهي ربة منزل تعيل أربعة أطفال بعد استشهاد زوجها في الغوطة وتقيم في القابون في دمشق، فتقول أنها كانت تحب فصل الشتاء ولا تتمنى قدوم الصيف فيما مضى، لكن ما مر عليها في الشتاء الفائت جعلها تتمنى ألا يأتي فصل الشتاء هذه السنة، وتوضح سعاد أنها بالكاد استطاعت الحفاظ على حياة أطفالها بعد موجات البرد الشديد الذي ضرب المنطقة والذي اضطرها لتجربة كافة طرق الحصول على الدفء كالحطب والبلاستيك والأوراق والكرتون والأثاث المدمر في ظل غياب شبه تام للكهرباء والوقود الذي إن وجد فسيكلف ثروة حقيقية للحصول على الدفء بواسطته. وتضيف بأنها تستعد منذ أكثر من شهر لاستقبال الشتاء من خلال جمع ما تيسر لها من أخشاب ومحاولة الحصول على بعض الوقود من خلال التسجيل عليه لدى شركة المحروقات التي لا توزع الحصص إلا بعد عدة أشهر.

أكثر من حصار

وتحدثت أخبار الآن إلى فايز الشامي الذي يقيم في الغوطة الشرقية برفقة زوجته وطفلتين والذي أوضح أن الناس في الغوطة تأقلمت إلى حد ما مع انقطاع الكهرباء والوقود الكلي وباتت الناس تعتمد في حاجاتها بشكل كامل على البدائل المتاحة من خلال الطاقة الشمسية والحصول على الميثان من حفر روث الأبقار، لكن كل طرق توليد الطاقة البديلة غير مؤهلة لاستخدامها في التدفئة فهي لا يمكن أن تحل مكان التيار المنزلي ذو الاستطاعة العالية، فكان لابد من قطع الأشجار بالنسبة لكل أهالي الغوطة وهو ما أدى إلى خسارة جزء لا بأس به من الغطاء النباتي بسبب القطع الجائر، لكن لا بديل.

وتستعد حكومة النظام لاستقبال فصل الشتاء منذ منتصف الصيف حين قامت برفع أسعار الغاز المنزلي والمازوت، ثم قامت منذ أيام برفع سعر المادتين مرة أخرى ليصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى 1800 ليرة فيما رفعت سعر المازوت 5 ليرات ليصل إلى 135 بعد أن كان سعر الليتر الواحد عند اندلاع الثورة 20 ليرة.

أزمات شتائية قادمة

هذا الحال سيسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة المتفشية منذ أكثر من ثلاثة سنوات والتي رفعت أسعار المحروقات المذكورة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف في حال تواجدها في السوق السوداء، وهو ما لا يستطيع أي مواطن عادي دفع ثمنه فاتجه السوريين في بعض المناطق كالمعضمية إلى التدفئة على الأحذية البالية أو بقايا النايلون، وهو ما سبب عدداً من حالات الاختناق بين الأطفال.

كان السوريون إلى زمن قريب يستبشرون خيراً بقدوم الشتاء لكن بطش النظام وظلمه عكس القاعدة وبات التخوف هو الجواب عند سؤالك أحدهم عن قدوم الشتاء خاصة مع عجز النظام الكامل عن تأمين الحد الأدنى من الطاقة اللازمة ليتغلب على البرد.