أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)

شكل الموظفون في المؤسسات الحكومية السورية قطاعا كبيرا، ساهم النظام عن طريق الضغط عليه في اتخاذه قرار الحياد خوفا من الفصل التعسفي أو الطرد والاعتقال إن ثبت نواياه بالوقوف إلى جانب الثورة.

وقد اختلفت التحليلات حول الموظفين، هل هم جيش النظام الفعلي الذي يساعده على الاستمرار أم أن مؤسسات الدولة يجب المحافظة عليها على اعتبار أن المطلب هو إسقاط النظام لا الدولة.

نقص الخزان البشري للنظام .. والشباب يختبئون

مع استقرار الوضع العسكري بين قصف مستمر على المناطق الثائرة والمحررة، حافظ النظام على خزانه البشري من طلاب وعمال وموظفين في المؤسسات الحكومية المختلفة.

ومع استجلاب القوات الروسية وفتح العديد من الجبهات "ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي" وغيرها، وتحت وطأة الخسائر البشرية، دخل النظام في معادلة نقص العنصر البشري، فبادر إلى استنفار الميليشيات المحلية لديه وزجها على جبهات القتال، مما أدى إلى نقص بطبيعة الحال في المدن الرئيسية وخاصة في تكريس القبضة الأمنية عليها.

كل هذا حدا بالشباب إلى التزام بيوتهم خشية زجهم في الحرب، حيث بات التندر بين الشبان أنفسهم الذين جلسوا في منازلهم لا يستطيعون الحراك لأن النظام بكل أركانه ينتظرهم في الشوارع لأخذهم للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.

وفي ظل الحواجز الأمنية الدائمة للنظام الثابت منها واللحظي، انتشر أيضا في ظل الفوضى من يرتدي البدلة العسكرية ويستوقف الشبان في الشارع مدعيا أنه من الأمن ويسأل عن الخدمة الإلزامية، عندها يضطر الشاب الموقوف إلى إعطائه قرابة 5000 ل.س ليتركه في حال سبيله.

يقول "عبد الرحمن" 25 عاما: "أوقفني شبان يرتدون الزي العسكري فأخبرتهم أني طالب وأصروا على أنني يجب أن أركب معهم في السيارة وأذهب إلى الأمن العسكري، رضيت، وعندما مشت السيارة قليلا طلبوا مني خمسة آلاف ليرة، رفضت متعذرا بعدم امتلاكي للمبلغ وهذه حقيقة الموضوع، فضربوني وأنزلوني من السيارة وأكملوا طريقهم، لقد كانوا عصابة تشليح مع ظني أن أحدهم كان شبيحا".

الموظفون على حواجز دمشق

بسبب سحب عدد كبير من عناصر الجيش والأمن إلى جبهاته القتالية التي فتحها في أكثر منطقة، عمد النظام على وضع مجموعات من الموظفين الحكوميين ليقفوا على تلك الحواجز.

يخبرنا "سمير" موظف إحدى بلديات دمشق:  "لقد اختار الأمن موظفين من الأقليات، ممن يمتازون بالولاء الدائم والطاعة المطلقة، وأنزلهم إلى الحواجز وبات دوامهم هناك. ولأن فكرة إرهاب المدنيين من الحاجز التي كانت السبب الرئيسي وراء هجرة معظم شبان البلد إلى الدول المجاورة وأوروبا يجب المحافظة عليها، فقد اختار النظام موظفين أفظاظ "شبيحة" للوقوف على حواجزه".

أما "أم مجد" وهي موظفة في وزارة العمل، فتقول أن بعض الموظفين انقطعوا عن الدوام، وعندما استفسرنا عنهم أخبرونا أن دوامهم انتقل إلى الحواجز.

ومع ذلك، فقد يخلق هذا القرار مناخا من الارتياح ولو قليلا على بعض الحواجز، حيث التدقيق يكون أقل والتشبيح أقل في بعض الحالات لاسيما وأن الموظف تعود على ثقافة الهروب من العمل، فكيف الحال في موقعه الجديد.

يؤكد هذا الكلام العديد من الطلاب والموظفين الذين شعروا بالمرونة في بعض الحواجز قبل أن يكتشفوا أن عناصر الأمن ذوي السلوك الهمجي قد تم تغييرهم بموظفين مدنيين لا علاقة لهم بالمؤسسة الأمنية والعسكرية.

يوما إثر يوم يتصدع النظام السوري ويتفرد بالمدنيين أكثر، وتستحيل الحياة في دمشق جحيما يؤمن الناس داخله أن اليوم أفضل من الغد، والغد أفضل مما سيليه، بينما ما زالت بعض الدول ترى الأسد جزءا من الحل، ولا تراه سببا لكل مشاكل الأرض.