أخبار الآن | القلمون- سوريا (أبو محمد اليبرودي)

عمد النظام السوري لخلق الرعب في نفوس من بقي في القلمون عقب سقوطها بيده وذلك بارتكاب مجازر بحق معتقلين معظمهم من الشباب، وذلك لإجبار الأهالي على العمل لصالحه ومنعهم من التواصل مجددا مع ثوار القلمون، إضافة دوافع الثأر بين الأهالي، لاسيما من قبل مؤيدي النظام، الذين عادوا على ظهر دباباته إلى منازلهم في القلمون.

وبات الموت تحت التعذيب شبح يلاحق أبناء القلمون، إذ وصلت نسبة الشهداء تحت التعذيب في أقبية المعتقلات الأسدية إلى 10% من معتقلي القلمون.

انتقام .. وشهداء تحت التعذيب

ارتفعت نسبة الشهداء تحت التعذيب في يبرود والنبك خصوصا بشكل مخيف، لدرجة أنه يتم إبلاغ عائلة أو عائلتين يوميا بمراجعة مركز شرطة هذه البلدات لاستلام الوثائق الرسمية لأبنائهم المعتقلين، وأن يسارعوا إلى تثبيت وفاتهم في النفوس المدنية ويتوقفوا عن السؤال والمطالبة بجثثهم؛ التي دفنت في مقابر جماعية لا يمكن الوصول إليها.

يفيد "محمد اليبرودي" الناشط في تنسيقية يبرود أن الموت تحت التعذيب بات كابوسا أجبر معظم من بقي في المدينة على السعي للهجرة خارج سوريا واللجوء لدول الجوار أو الاضطرار للانخراط في صفوف النظام تفاديا للاعتقال الذي لم يعد يميز بين مؤيد أو معارض.

تجاوز عدد المعتقلين من أهالي القلمون في الفترة الأخيرة 1000 معتقل منذ دخوله للمدينة، وعدد ضحايا مجازر التعذيب في المعتقلات اقترب من 100 شهيد من يبرود وما حولها، ممن تم التأكد من خبر استشهادهم عن طريق البلاغ الرسمي من قبل النظام، عدا عن مئات المعتقلين الآخرين الذين لا تزال أخبار وفاتهم غير مؤكدة بعد نقلها بشكل غير رسمي من قبل معتقلين مفرج عنهم أو بعض النافذين في النظام.

ويشير "محمد" أن عشرات الأسماء ممن قضوا تحت التعذيب كانوا بعيدين عن التدخل في مجريات الصراع السياسي في بلدهم، إلا أنهم وقعوا ضحية انتقام النظام السوري من هذه البلدات الثائرة، حيث كان أبرز من قضى تحت التعذيب "نمير الباشا ومحمد كشكية ومحمد رومية والشابان بلال ونظير فتح الله" والعشرات غيرهم. وحتى أن مسيحيي البلدة لم يسلموا من الموت تحت التعذيب وقد كان "سمير نخلة" أحد من قضوا تحت التعذيب في الفترة الأخيرة.

لكن فصول المأساة لا تنتهي فقط بوفاة المعتقل تحت التعذيب وعدم تسلم ذويه جثته ودفنها بطريقة لائقة في بلده، بل إن معظمهم حرموا من إقامة بيت عزاء له والكلام عن معاناتهم بين الناس مما جرى لفقيدهم، ووصلت التهديدات لهم بأن أي تصعيد من قبل ذوي المعتقل سيعرضهم للاعتقال والتعرض لذات المصير.

ويرى ناشطون أن القلمون السوري خصوصا تعرض لتلك الحملة الممنهجة من القتل تحت التعذيب للعديد من أبنائه انتقاما من بقائه خارجا عن سيطرة النظام السوري لأشهر طويلة وعجز النظام عن دخوله لولا تدخل حزب الله بكامل قوته لصالحه.

مجزرة النبك

الحال في مدينة النبك لا يختلف كثيرا عن جارتها يبرود، فقد أفاد "أمير النبكي" أحد نشطاء المركز الاعلامي في المدينة أن أسماء الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب حتى شهر أيار من العام الفائت قد جاوز 60 اسما، مع تأكيد وجود العشرات أيضا لم يتم التأكد من أسمائهم من بين ما يقارب 200 معتقلا لا يزالون في أقبية الأفرع الأمنية.

وأوضح النبكي أنهم يرون أن ارتفاع عدد شهداء التعذيب بشكل متسارع ما هو إلا حالة انتقامية من كل من كان يمت للثورة بصلة، إذ يكفي أن تكون من أقارب أحد المتظاهرين لتكون عرضة للاعتقال في مدن القلمون المحتلة، بالإضافة للرسالة التي يريد النظام توجيهها من وراء ذلك وهي عدم التفكير بالانخراط في الثورة من جديد.