أخبار الآن | ريف حمص – سوريا (أنور أبو الوليد)

بعد حملة عسكرية، هي الأعنف منذ بدء الثورة، شنّتها قوّات النّظام مدعومةً بسلاح الجو الروسيّ على ريف حمص الشّمالي لشهرين متتاليين ولم تتمكّن خلالهما من إحراز أيّ تقدّم بريّ يذكر؛ انتقلت المعركة إلى محاولة لإحكام طوق الحصار وهي خطة مكررة يقف فيها النظام حائلاً دون وصول أية مواد غذائية أو دوائية إلى المدنيين الذين يفتك بهم الجوع والمرض داخل أحياء ومناطق ريف حمص الشمالي.

حصار ونازحون في ريف حمص الشمالي

الحملة الاخيرة بدأت بتثبيت حواجز جديدة في قرى ريف حماة الجنوبي الملاصق لريف حمص الشمالي، والخاضع لسيطرة قوات النظام، بداية من القرى الشرقية حيث قرى "جنان وتقسيس" وصولاً إلى القرى الغربية المحاذية لمنطقة الحولة كـ"جرجيسة وحربنفسه وتل الفراديس" وغيرها، فضلاً عن إغلاق معبر "تل عمري" وهو المعبر الرسمي الوحيد سابقاً.

النزوح الذي سببته الحملة العسكريّة الأخيرة زاد من تردي الحالة الإنسانية، حيث وصلت حوالي عشرة آلاف عائلة إلى ريف حمص هرباً من القصف الذي يستهدف بلدات الريف الحموي، وتصف "أم أحمد" التي جاوزت السبعين من عمرها ما جرى بألم قائلة: "القذائف استهدفت كل شيء في قريتنا، خرجنا بصعوبة دون أن نحمل شيئاً من حاجياتنا، الموت لاحقنا حتى في رحلة نزوحنا المريرة".

أزمة النزوح الأخيرة سببت حاجة ملحّة لتقديم المساعدة العاجلة لهم في منطقة تعاني أصلاً من انعدام وصول المساعدات الإغاثيّة لها وترزح في ظل بطالة وانعدام دخل تعدّان سمتان رئيسيتان لكثير من الأسر التي تقطن في ريف حمص الشّمالي.

غياب رغيف الخبز

"رغيف الخبز" كان الغائب الأبرز عن الأسواق بعيد الحملة بأيام فقط ما سبب احتقاناً شعبيا وتساؤلا من المواطنين حول خطط الطوارئ التي كان من المفترض إعدادها من قبل المجالس المحليّة هنا، خصوصا أن ريف حمص كان قد أنتج ما يقارب من 12 ألف طن من مادة القمح العام الماضي وتم شراء 1200 طن منها فقط  لدعم مادة الخبز رغم وصول منحة خارجية خصصت لأجل هذا الموضوع.

ولدى توجّهنا بهذا الاستفسار إلى "أبو البراء الحمصي" عضو المجلس المحلي في بلدة "الدار الكبيرة" أجاب: "إثر وصول المبلغ المذكور حصل صراع بين مؤسسة الحبوب ووحدة التنسيق والدعم، التابعتان للائتلاف، حول اختيار من سيستلم المبلغ واستمر هذا الصراع لشهرين" وأردف قائلاً: "التأخير الذي حصل أدى إلى تفويت فرصة شراء المحصول من المزارعين وتم شراء أغلبه من قبل التجار المحليين وسبب عجزاً في دعم إنتاج مادة الخبز".

"ربطة الخبز" الحر، التي يتم إنتاجها من قبل أفران خاصة، ارتفع سعرها بشكل كبير أيضا ووصل إلى حوالي 400 ليرة سورية، وهو ما لا تقدر عليه كثير من الأسر، يخبرنا "أبو فوّاز" أحد الباعة: "ارتفاع سعر الرّبطة سبّب عزوف كثيرين عن شرائها رغم الحاجة الملحّة .. النّاس هنا تحارب حتى في لقمة عيشها، هم يطلبون أدنى مقومات بقائهم وكفافهم لا أكثر".

شبح الجوع يقترب أكثر فأكثر ويرحل ضحاياه فرادى وجماعات في كثير من المناطق الثائرة في سوريا، تاركين خلفهم صوراً تروي للعالم بعضا من ألم السوريين والكثير من الخذلان الذي عاشوه قبل رحيلهم.