أخبار الآن | ريف حماة – سوريا ( وضحى عثمان)

إلى الشرق من مدينة السلمية بنحو 30 كيلو متراً، تتربع قرية صغيرة تدعى "أبو حنايا" بسكانها البالغ عددهم 6000 نسمة، يقتاتون من ما تنتجه مواشيهم وبعض الزراعات البسيطة، فتلك المنطقة تشكل بداية البادية السورية، التي تعد أهم منطقة في تربية المواشي في سوريا.

القرية في الثورة السورية

مع بداية الثورة السورية، اضطرت القرية للصمت لطبيعة موقعها بين القرى الموالية للنظام من الطائفتين العلوية والإسماعيلية، إذ تلتف حولها مُشكلّة صندوقاً مفتوحا، إلا أن دخيلة أهلها يتعاطف مع الثورة.

سيطر الجيش الحر على هذه المنطقة أثناء إعلانه عن بدء معركة فك الحصار عن حمص، وكانت تلك المعركة مفتاحاً لفك الحصار لولا غدر داعش الذي كان على هدنة مع فصائل الحر قبل أن ينكث به.

تحررت مناطق "القسطل وأبو حنايا وأبو حبيلات ومسعود وعقيربات" على يد فصائل الجيش الحر عامي 2013 و2014, ووقفت جحافل الجيش الحر على مشارف قرية "المفكَّر" وهنا بدأ داعش بالتضييق على فصائل الحر هناك.

وتحت ظل داعش

سيطر داعش على "أبو حنايا" وعلى كافة المناطق هناك بعد أن أجبر فصائل الجيش الحر على الانسحاب تحت وطأة المفخخات، وبدأ بفصل جديد من إرهابه على هذه القرية عنوانه أسود كما مصير كل منطقة يحكمها داعش، وهذا ما أجبر معظم سكانها على الفرار والنزوح من حكم لا يمت للإسلام بصلة.

أخبار الآن التقت وبشكل حصري مع أشخاص هربوا بأرواحهم من بطش داعش، لينعموا بالتنفس الطليق على حد تعبيرهم.

يقول "أبو كسار" أحد سكان القرية الفارين لأخبار الآن: "هاجرت من قريتي، تركت رزقي ومنزلي، بقيت شهراً كاملاً تحت حكم داعش، لقد ضيقوا علينا وعلى نسائنا، فنحن نعيش حياة البداوة البسيطة ولا نحتمل عيشة كهذه".

النساء في قرية أبو حنايا كان لهنَّ النصيب الأكبر من تضييق داعش، فالمرأة في هذه القرية تمارس دورها في رعي الأغنام والاعتناء بها، وهي امرأة ريفية بدوية معروفة بأصالتها إلا أن القيود التي فُرضت عليها جعلت منها ربة منزل لا أكثر، فقد فرض داعش عليها ارتداء النقاب واللباس الشرعي بشكل كامل، وهذا ما أعاق راحة المرأة البدوية في القيام بواجبها تجاه مواشيها فضلاً عن تقييدها ضمن أمور يومية لا تطاق.

تقول "شاها" إمرأة من أبو حنايا لأخبار الآن: "اعتدنا أن نرعى ماشيتنا ونقوم بزراعة حقلنا أنا وبناتي بعد وفاة زوجي، فأنا لا أملك المال لأدفع لأحد يرعى أغنامي أو ليعمل في حقلي، لقد تحولت حياتنا إلى جحيم أسود وتغيرت حياتنا بطريقة مخيفة، وحالي يشبه حال الكثير من نساء القرية. معظم سكان أبو حنايا يعانون الويل من هذا الوضع فلا تستطيع الأسرة القيام بأعمالها دون مساعدة النساء اللواتي لم يعد بإمكانهن القيام بها بسبب ما فرض عليهن".

ويضيف "أبو مصطفى" أحد سكان أبو حنايا لأخبار الآن: "من دون مساعدة زوجتي وبناتي لا أستطيع إنجاز أي من أعمالي الزراعية وخاصة ريع الماشية، فبعد دخول داعش واستمرار القصف الذي تسبب بفقدان أعداد كبيرة من الماشية، أصبحت ظروفنا قاسية جدا من كل النواحي، بتنا نخاف على أنفسنا وعلى المواشي لأننا في خطر مستمر".

حال أبو حنايا يشبه تمام أحوال تلك المناطق المنسية؛ التي ترزح تحت ضغوطات أقل ما يقال عنها أنها قاهرة، وخاصة ريفي حماة وحمص الشرقيين، اللذين يصعب توثيق انتهاكات داعش فيها.