أخبار الآن | ريف دمشق- سوريا (رواد حيدر)

لطالما عمل داعش على توسعة نفوذه في سوريا، وخاصة في ريف دمشق والقلمون تحديداً، لما لها من موقع استراتيجي قرب دمشق، فكيف إذا كان في مدينة التل إحدى بوابات العاصمة. داعش حاول جاهداً ضم أكبر عدد ممكن من المقاتلين والمدنيين المحتاجين للمال الى صفوفه، في ظل الحصار المفروض على التل؛ من خلال دفع رواتب شهرية تصل إلى 100 دولار للعازب، وهو مبلغ لا يُدفع للمقاتلين في باقي الفصائل.

التكفير والاغتيال .. والسجن

بعد عشرة أشهر من ظهور داعش بدأ "بتكفير" الفصائل العسكرية والمدنيين رغبة بفرض سلطته على المدينة وأهلها، فنفذ عددا من الاغتيالات بحق قادة عسكريين واعتقل كل من يخالفه الرأي من المدنيين؛ حيث كان لابد من استئصاله، فدرات معارك بينه وبين جميع الفصائل العسكرية أدت إلى قتل العشرات من داعش وفرار آخرين أو تسليم أنفسهم.

عضو لجنة التحقيق في المحكمة الشرعية بمدينة التل "أبو إسلام الشامي" ذكر أن المحكمة وطوال فترة المعركة أعطت الأمان لعناصر داعش الراغبين بتسليم أنفسهم، إضافة إلى كل من التزم منزله وسلم نفسه عند هدوء الاشتباكات، مشيراً أن عدد عناصر داعش الموجودين لدى المحكمة حالياً 225 عنصرا تختلف جنحهم بين من أخذ الأمان أو تم القاء القبض عليه.

وأضاف "الشامي" أنه تم الإفراج عن قرابة العشرين شخصاً على 5 دفعات، ممن تم التحقيق معهم، والتأكد أنهم بايعوا بيعة عامة لا بيعة قتال، ولم يحضروا أية دورة شرعية أو يستلموا أسلحة أو حتى شاركوا بالمعارك الأخيرة، وأغلبهم لا يتجاوزون عمر 15 عاما.

وأضاف أن من خرجوا تمت كفالتهم على أن لا يعودوا إلى داعش أو يعاونوه، وسيخضعون لدورة شرعية تبين لهم مدى ضلال داعش وأسباب الحرب عليه، مضيفاً أنه: "لن يتم إطلاق سراح سوى من ذكرته آنفاً، فيما أن أعداداً كبيرةً يأتون يومياً لتسيلم أنفسهم، ويتم البحث وإلقاء القبض على الفارين"، وهو ما أكده الناشط الإعلامي "أحمد البيانوني" بقوله: "نعلم هوية أغلب الدواعش الفارين وتتم مداهمة منازلهم والأماكن التي من المتوقع أن يتواجدوا بها".

هروب البعض إلى مناطق النظام

وحول سؤالنا عن إمكانية تنفيذ داعش عمليات اغتيال او تفجيرات تحدث "البيانوني" أن الفارين لا يفكرون حتى بالأمر، فهم باتوا لا يملكون السلاح وإن تواجدت لديهم ذخيرة فالقليل منها، كما أنهم لا يملكون المفخخات أو المتفجرات.

وأشار إلى أن بعض العناصر لم يجدوا مأوى في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل، فهربوا باتجاه "حرنة الشرقية" الواقعة تحت سيطرة النظام، ولم تردنا حتى اليوم حالات اعتقال بحقهم.

هذا وسلم عدد من قادة داعش أنفسهم للمحكمة الشرعية بعد توقف الاشتباكات، وهؤلاء لهم معاملة أخرى، حيث سيتم التحقيق والتعامل معهم من قبل المحكمة الشرعية.

الحاجة الماسة للمال يسبقها السلطة، هي ما دفعت بالكثيرين لمبايعة داعش، وهم الأكثرية من ضمن أشخاص غُرر بهم. يقول "الشامي": "البعض من الجهال والمريضين نفسياً والمنبوذين كانوا يظنون أنها خلافة حقيقة، فكيف إذا كانت خلافة ومال".

جدير بالذكر أن المعارك اندلعت بين الفصائل العسكرية وداعش في مدينة التل في الأول من الشهر الجاري، بعد توتر استمر لشهور على خلفية اغتيال قادة وعناصر من الطرفين، حيث قتل عدد من المدنيين إثر المعارك الأخيرة رغم حظر التجول الذي كان مفروضاً على المنطقة، في حين خسر داعش عدد من عناصره بين قتيل وجريح، عرف منهم "راضي معنية" و "محمد قرقور".