أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (جابر المر)

يدخل حصار منطقتي الهامة وقدسيا في ريف دمشق الغربي شهره السابع، وما زالت المماطلات بفتح الطرقات قائمة من النظام، وكلما طال أمد الحصار ازداد الموضوع تعقيدا، وطغى الجانب السياسي على الجانب الإنساني في منطقة تتعرض لأبشع أنواع التعتيم الإعلامي.

العسكري المخطوف وشروط فصل المناطق

في 21-7-2015 بدأ الحصار المفاجئ لمنطقتي الهامة وقدسيا ووادي بردى في الريف الغربي لمدينة دمشق، وفي الوقت ذاته حصار النظام العديد من المناطق كبلدة التل على سبيل المثال. تحركت لجان المصالحة في كل المناطق لمعرفة سبب الحصار المفاجئ لقوات النظام، فتعلل النظام أن أحد عناصره "العسكري يحيى عمران قد تم فقدانه". وفي حديثه للجان المصالحة؛ كان النظام يتهم أهل الهامة بخطف الجندي، وعندما يتكلم مع أهل التل يقوم بنفس الفعل، وبعد تواصل لجان المصالحة مع بعضها اكتشفوا أن الحصار هذه المرة جديا لدرجة أن يكذب النظام على الجميع، وأن القصد من وراء الحصار الحالي هو هدف سياسي بحت.

هنا أصرت كل لجنة من لجان المصالحة على متابعة عملها حتى فك الحصار، فما كان منهم إلا نكران مزاعم النظام، والحديث معه بشكل مباشر حول أسباب الحصار وما الذي يريده، فجاء رد النظام على شكل ثلاثة شروط، أولها أن يخرج بعض مسلحي قدسيا والهامة، والثاني هو أن تفصل قدسيا عن الهامة بسواتر ترابية ويبقى طريق واحد يقوم فيه حاجز من لجان تتفق لجنة المصالحة والنظام على تسمية عناصره على ألا يكونوا من عناصر الجيش الحر المتبقي في المنطقة، والمطلب الثالث هو أن لا يتم خطف أي عنصر للنظام في حين دخل إلى المنطقة، وإن حدث وتم قتله واختطافه فإن على المنطقة أن تسلم قاتله للنظام أو تقوم هي بقتله. وافق الجميع على هذه الشروط ووضعت خطة لإخراج المسلحين الذين أراد النظام خروجهم بالأسماء، وتم البدء بفصل قدسيا عن الهامة بسواتر ترابية.

إخراج المسلحين والتدخل الروسي

بناء على البدء بتنفيذ المطالب كان من المفترض أن يبدي النظام حسن النية بفتح الطريق، لكن وبدلا عن ذلك طالب النظام بإخراج الشيخ "أبو أنس الزبداني" من منطقة الهامة، وهو أحد سكانها وممن لم يحملوا السلاح، فقرر الأخير الخروج إلى وادي بردى كي يتم فك الحصار عن الهامة، لكن النظام لم يحرك ساكنا بل طالب بخروج دفعات أخرى من المسلحين إلى إدلب بعد فترة أخرى وبالفعل هذا ما حدث وخرج العديد من المقاتلين والمدنيين إلى إدلب وتحديدا إلى كفرنبل، ومقابل هذا أيضا صمت النظام وبقي الطريق مغلقا، وإنما بدأت هناك تسهيلات بدخول وخروج المواد الغذائية. والتسهيلات هذه كانت بأن تدخل سيارات المواد الغذائية إلى الهامة عن طريق حاجز شبيحة "حي الورود"، وإلى قدسيا عن طريق حاجز "مساكن الحرس الجمهوري" وفي الحالتين يفرض كل طرف أمني على السيارات الداخلة "أتاوات" إما أن يدفعوها أو يتم إرجاع السيارة وعدم السماح لها بالدخول، يجري هذا فيما يختص الحاجز التابع للأمن السياسي على مدخل بلدة قدسيا بالمشاة، فيسمحون بالمرور لبعض الأشخاص ويمنع الآخرين خصيصا إن كانت هوياتهم تتبع للهامة أو قدسيا إلا في حال دفعوا مبالغ طائلة للعناصر على الحاجز.

الأتاوات التي تحصلها الأفرع الأمنية اليوم من حصار المنطقتين، جعلت الموضوع قيد التغييب حتى داخل النظام نفسه، لأن الحصار بات باب رزق لبعض ضباط الأمن السوريين وبعض الشبيحة. وحتى موضوع النهب العلني الذي تمارسه الأفرع الأمنية على الحواجز ليس السبب الدقيق في بقاء الحصار قائما حتى اليوم. إنما بات الجميع يعلم أن الأمر سياسي، وأن التدخل الروسي يعني أن يتقدم النظام عسكريا كما يحدث اليوم في درعا وحلب، وأن يكون وضع المناطق المحاصرة في دمشق دون الصفر كي يتسنى للنظام دخولها في الوقت الذي يراه مناسبا، فقد بات النظام اليوم يستعيد زمام المبادرة ويستعيد قوته إبان التدخل الروسي المباشر في المعركة.

ينتظر أهالي الهامة أن يفتح الطريق بصبر وأناة، لأن أعينهم باتت الأولى على خبز أولادهم حيث بات تأمينه بغاية الصعوبة، والعين الأخرى تنتظر إلى ما سيؤول إليه وضع الحصار، وهل ستسوء الحال أكثر، ويقدم النظام على ما هو أبعد من الحصار؟