أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (إيهاب بريمو)

في ظل ظروف استثنائية، تغيرت مقاييس وشروط الزواج بالنسبة للسوريين في الداخل السوري ودول اللجوء على حد سواء. ففي تركيا بات من المقبول سماع زواج السوريات من الشباب الأتراك، إذ لعبت عدة متغيرات في دفع السوريات للزواج بالأتراك مثل تشابه النسق الديني الثقافي بين المجتمعين ووجود الحاضن الاجتماعي لاستقبال السوريين الفارين من جحيم الحرب.

السوريات الرقم واحد بالزواج من الاتراك

احتلت الفتيات السوريات المترتبة الأولى بزواج الأتراك من الأجانب عام 2015، وفق إحصائية صادرة عن مركز للإحصاء التركي بتاريخ 3/2/2016، وبلغ عدد النساء السوريات اللواتي تزوجن من أتراك في 2015 حوالي ثلاثة آلاف و569 امرأة بنسبة 19% من زواج الرجال الأتراك من نساء تحمل جنسيات غير تركية بزيادة بنسبة "0.5%" عن عام 2014.

السوريات وقانون الزواج التركي

"غزوان قرنفل" عضو تجمع المحامين السوريين الأحرار، يقول: "يتم زواج السوريات من الأتراك بطريقتين "قانونية أو عقد زواج عرفي/ كتاب شيخ"، الطريقة الأولى وفق القوانين التركية وهذا الزواج يضمن حقوق كل الأطراف، أما الزواج خارج نطاق القانون التركي فهو زواج عرفي غير معترف عليه قانونيا في تركيا ولا تعتبر المرأة السورية في هذه الحالة زوجة ثانية، إنما هي في نظر القانون خليلة وبالتالي لا يترتب على هذا الزواج أي اثر قانوني، بالنسبة للزوجة ليس لها أي حقوق لأنها في نظر القانون ليست زوجة حتى الأولاد لا ينسبوا اليها إنما ينسبوا إلى الوالد"، وأضاف "قرنفل" عن حقوق الزوجات في القانون التركي لا يوجد مهر للزوجة مثل ما هو الحال في سورية باعتباره زواج مدني ولكن حقوق المرأة مصانة ولا يملك الرجل حرية اتخاذ القرار بالانفصال عن الزوجة بمفرده، وفي حال وجود أية أموال مبرمة بعد عقد الزواج يحق للمرأة أخذ نصف ممتلكات الرجل عند الانفصال.

وينوه "قرنفل" أنه في حال تم الزواج العرفي تترتب العقوبات على الزوجين وكاتب عقد الزواج بالسجن بمدة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وفي حال وجود أطفال من هذا الزواج لا يحق للمرأة السورية الوصاية عليهم إنما الوصاية للأب.

كما صرح السيد "قرنفل" عن افتتاح "مركز الكواكبي لحقوق الإنسان" في مدينة مرسين التركية بتاريخ 27/2/2016 وعمل المركز على مشاريع إحصائية وتوثيق حالات زواج السوريات من الأتراك، وأضاف عن مشروع توثيق حالات الطلاق بين السورين في تركيا والأمور المترتبة عليها.

وبالعودة الى إحصائية الزواج، فقد بلغ عدد الرجال السوريين الذين تزوجوا من نساء تركيات في عام 2015 نحو 241 رجلا أي بنسبة "6.8%" محتلين المرتبة الثالثة من زواج التركيات من رجال أجانب بعد ألمانيا وأستراليا.

السوري وحلمه الزواج من تركية للحصول على الجنسية

غالبية الرجال السوريين الذين تزوجوا من نساء تركيات كان هدفهم الحصول على الجنسية التركية على اعتبارها تضمن البقاء وحرية العيش بشكل كريم.

"محمد" شاب من مدينة إدلب من أصول تركمانية، تزوج من ابنة عمه "التركية"  بهدف الحصول على الجنسية والاستقرار وبناء عائلة، وأضاف بأنه يقضي الآن أجمل أيام عمره وحصل على الجنسية وتمكن من إنشاء عمله الخاص.

أما بالنسبة لـ "سامر" الذي أخبرنا بأن زواجه كان صفقة رابحة وأن هدفه من الزواج هو الحصول على الجنسية: "منذ أربع سنوات تزوجت من امرأة تركية مطلقة أكبر مني بخمسة عشر سنة لا أحبها لكنها توفر لي جميع مستلزمات الحياة الكريمة".

الرجال الأتراك نعمة أم نقمة؟

العديد من الفتيات السوريات تزوجن من رجال وشباب أتراك على مدى الخمس سنوات الماضية، منهن من كان الحظ يحالفها والآن تعيش حياة سعيدة والأخرى تحولت حياتها إلى جحيم.

"خ. م" فتاة في الثامنة عشر من مدينة حلب، خرجت مع عائلتها إلى مدينة كلس الحدودية في محاوله منهم للحصول على الأمان، قالت لأخبار الآن أنها تزوجت برجل تركي يكبرها بـ 22 عاما: "لا أرغب في الزواج لكن عائلتي أجبرتني على الزواج لأن زوجي ثري ويمتلك الكثير من العقارات، لم يكن زواجا بل كان صفقة أحسست بأني سلعة، زواجي كان قانونيا في البلدية، بعد ثلاث سنين من زواجي أنجبت طفلين "شام ومحمد" وبالنسبة لزوجي يعاملني بشكل جيد ولكن كنت أحلم بإكمال دراستي ولكن كل شيء في الحياة قسمة ونصيب".

تجارب ناجحة وأخرى فاشلة

هناك العديد من الرجال الأتراك يترددون إلى المخيمات بهدف الزواج بفتيات سوريات جميلات، منهن من كن موفقات وأخريات كان حظهن غير موفقا.

في أحد المخيمات في مدينة "أنطاكيا"، قامت إحدى العائلات النازحة من حماة خرت بتزويج ابنتهم الوحيدة "ملاك" إلى رجل تركي بعقد زواج عند أحد الشيوخ، جرى كل شيء حسب العادات والأصول وفي ليلة الزفاف ذهبت "ملاك" مع زوجها إلى أحد الفنادق في المدينة، وفي الصباح استيقظت ولم تجد زوجها فقد اختفى وكأنها في كابوس، حاولت الاتصال به مرارا وتكرارا ولكن هاتفه كان مغلقا، وبعد محاولات كثيرة للبحث عنه لم تجد نفسها إلا في خيمة والديها وهي لا أرملة ولا مطلقة.

أما "آمال"، فبعد أربع شهور من زواجها بشاب تركي، اختفى وتبين أنه لا يملك بيت ولا سيارة وأن الذهب الذي قدمه لها كان مزيفا، لكنها تحمد الله بأنها لم تحمل من ذاك الشاب.

أما بالنسبة للزواج الخارج عن القانون التركي "العرفي" فغالبا يتم من الأرامل والمطلقات اللواتي لديهن أطفال وجدير بالذكر أن جميع الزيجات من رجال أتراك تكون بفارق عمري كبير.

أما "فرح خليل" فتعتبر من أنجح حالات الزواج، فهي طالبة جامعية في مدينة إسطنبول جاءت برفقة والديها منذ ثلاث سنين وفي الجامعة تعرفت على "مراد" زوجها منذ سنة، تقول عن الزواج وقصة الحب التي تربطهما: "أحببته لأنه وسيم وذو أخلاق جيدة، إنه لا يشعرني بأني لاجئة بل بأني أجمل وأفضل نساء العالم وكذلك عائلته"، كان زواج فرح قانونيا في البلدية وهي تنتظر الآن طفلا يحمل الجنسية السورية والتركية.