أخبار الآن | أنطاكيا – تركيا (جمال الدين العبد الله)

بعد تأشيرة الدخول "الفيزا" التي فرضتها تركيا على الوافدين السوريين إليها بحراً وجواً؛ والتي بدأ العمل بها مطلع عام 2016 وتحديداً في من 8 يناير/كانون الثاني الماضي، مستثنية السوريين الوافدين إلى تركيا عبر المعابر البرية الموجودة بين البلدين، أتى فرض الفيزا على المواطنين السوريين لأسباب أمنية بحتة حسب تصريح وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو".

وتسبب القرار بموجة من الفوضى بين السوريين الراغبين بالقدوم نحو تركيا، جواً أو بحراً، وذلك بسبب صعوبة استصدار الفيزا لبعض المسافرين، حيث تستلزم متطلبات تختلف من دولة إلى أخرى، مع تأكيد صعوبة السفر من سوريا إلى تركيا جواً أو بحراً.

حلول .. ومخاطرة وتكاليف مادية وجسدية

وبالرغم من صعوبة استصدار فيزا تخوّل حاملها دخول تركيا، إلا أن بعض السوريين أوجدوا بعض الحلول المفيدة ولكنها تعتبر بطرق غير نظامية ومليئة بالمخاطر؛ ناهيك عن الأجور المادية والتعب الجسدي والنفسي الذي يلحق لا محالة بالمُخاطر بهذه الطريقة. "أم أيهم" من مدينة اللاذقية، التقت بها أخبار الآن في مدينة أنطاكية التركية، أصرت وعائلتها على زيارة ابنتهم التي سافرت منذ ستة أشهر من سوريا نحو تركيا، وبطريقة نظامية عبر مطار بيروت للزواج بخطيبها الذي فرقتهما مرارة الحرب لعامين، لتفاجئ بعد فترة أنها لا تستطيع اللقاء بها لفرض تركيا تأشيرة الدخول.

تقول "أم أيهم": "لم استطع تقبّل فكرة بُعد ابنتي عني لأكثر من ستة أشهر، حيث سبقتنا للزواج، وقررنا اللحاق بها بعد عدة أشهر بينما ننهي أمورنا ونبيع بيتنا في مدينة اللاذقية لنسافر بشكل نهائي إلى تركيا، وما إن أردنا الحجز على أحد خطوط الطيران اللبنانية منذ أربعة أشهر فوجئنا بأن السفر إلى تركيا يحتاج إلى فيزا".

وتضيف "أم أيهم": "لم نيأس عند هذا الحد، اتفق زوجي مع أحد المهربين لنقلنا عبر سيارة خاصة عبر حواجز النظام نحو ريف اللاذقية، حيث استغرق الطريق منا أكثر من ثماني ساعات مستمرة، للتفتيش على الحواجز والتدقيق الأمني، ودفع الرشاوى وعلب السجائر لعناصر الحواجز إلى أن وصلنا بسلام إلى ريف إدلب ثم إلى ريف اللاذقية، وعلى أصوات القصف التي سمعناها لأول مرة في حياتنا وتحت جنح الظلام قام عدد من المهربين بنقلنا عبر الحدود السورية التركية إلى أنطاكية لألتقي بابنتي، كلفتنا الرحلة أكثر من ألف وخمسمائة دولار على ثلاثة أشخاص، ويومين من الرعب، والمشي في الظلام، لكن لا شيء يعجز على الشعب السوري".

الخروج من تركيا ليس كالعودة إليها

اضطر العديد من السوريين إلى البقاء في تركيا بشكل نهائي بعد صدور قانون الفيزا، فمن يدخل تركيا عن طريق الجو أو البحر يحق له بالاقامة ثلاثة أشهر، وإن أراد الخروج منها بعد مضي الثلاثة أشهر يُفرض عليه عند المعابر أو المطارات جزاء مادي ما يعادل المائتي دولار أميركي ومن غادر تركيا إلى بلد ما سيضطر إلى استصدار الفيزا.

"همام" كان ينتقل بين لبنان وتركيا على الدوام لزيارة أقاربه المستقرين في تركيا، إلى أن فرضت فيزا السفر وهو متواجد في أنطاكية، لم يعد يستطيع العودة إلى لبنان  لكي لا يضطر إلى استصدار فيزا كلما أراد السفر، يقول: "قمت ببيع ممتلكاتي في لبنان عن طريق أحد أصدقائي، ثم إرسال المبلغ المادي لي عبر إحدى الشركات، أفضّل البقاء في تركيا وبناء عمل خاص بي، تركيا بالنسبة للاجئين افضل من أي بلد آخر".

السوريون العاملون في البحر.. الأكثر تضرراً

خلال نزوح السوريين من سوريا نحو تركيا، خرج معهم عدد كبير من البحارة ممن امتهن السفر على متن السفن التجارية والعمل عليها عملاً يقتات منه، ومنهم من اضطر إلى الانتظار في تركيا طويلاً إلى أن وجد إحدى شركات النقل البحري للعمل معهم، مثل "عماد" الذي سافر من تركيا على متن أحدى سفن نقل البضائع منذ أكثر من عام، وتم ختم جواز سفره بختم الخروج من تركيا، وتعرضه بعد فترة لمشكلة كبيرة. يقول عماد: "وصلنا خبر من القبطان أن السفينة سيُستغنى عن طاقمها لأحد الأسباب، ولا أمل لنا بالعودة إلى تركيا بسبب فرض إذن السفر الذي لا نستطيع استصداره في الوقت الضيق الذي نملكه، قد تستقبلنا السودان فقط والتي لا أستطيع السفر إليها لعدم معرفتي بأحد هناك والوضع المادي الصعب، لكن المشكلة تكمن أن عائلتي في تركيا ولا أستطيع العودة إليهم، الحل الوحيد أن أخاطر بالعودة إلى مناطق النظام ومن ثم قد يكون الحظ حليفي وأعود يوماً ما للقاء عائلتي التي تركتها منذ أكثر من عام".

الجدير بالذكر أن حركة المرور بين سوريا وتركيا ساعدت العديد من السوريين بالانتقال بشكل كامل عبر حركة الطيران أو الملاحة، وخاصة لذوي السجلات "النظيفة" لدى النظام، وأصحاب جوازات السفر، بينما من لا يملكهما يضطر للسفر إلى المناطق المحررة مع الكلفة المادية ناهيك عن المخاطرة الكبيرة التي قد تلحق بالمهاجر.