أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هاديا المنصور)

شعر "عمر" 35 عاما، بالحزن لكونه خسر وظيفته بعد رفضه التوجه إلى مدينة حماة لاستلام راتبه وذلك خوفا من مراجعة فرع الأمن، ولكنه في الوقت نفسه شعر بأنه كسب حريته وكرامته التي من الممكن أن يخسرها إذا امتثل للأوامر وراجع القسم المذكور.

"عمر" من مدينة "معرة النعمان" هو من مئات المعلمين في ريف إدلب الذين تم فصلهم من وظائفهم لأسباب متعددة وأصبحوا عرضة للفقر والبطالة بعد خسارتهم لعملهم.

يقول عمر "لم أتردد في التخلي عن الوظيفة حينما سمعت عن ضرورة مراجعتي لقسم الأمن، لأنه من الغباء أن أراجع هذا القسم الذي لم يسلم منه إلا القليل"، ويضيف بأن لا شيء يستحق العناء، فالراتب الذي يحصل عليه يتم توزيعه على الحواجز الأمنية المنتشرة على طول الطريق الواصل بين معرة النعمان ومدينة حماة، فلا يبقى منه في النهاية إلا بضعة آلاف من الليرات السورية، هذا عدا عن المضايقات التي يتعرض لها مع زملائه من قبل هذه الحواجز، ويلفت إلى أن الراتب وإن وصل كاملا فهو لا يكفيه مع أسرته إلا لأيام معدودة وسط الغلاء الفاحش وخاصة في الآونة الأخيرة بعد الارتفاع الجنوني للدولار وبالتالي ارتفاع أسعار كل شيء.

"لقد صعب علي أن أتخلى عن الطلاب مع اقتراب نهاية العام الدراسي وخاصة وأنني أدرس مادة الرياضيات وهي مادة مهمة، ولذلك آثرت المتابعة حتى دون راتب ريثما تنتهي الامتحانات هذا العام".

أما عن كيفية تدبير أموره لاسيما وأن لديه عائلة مؤلفة من زوجة وثلاثة أبناء، فهو يقوم ببيع المثلجات للأطفال على دراجته النارية بعد انتهائه من الدوام كل يوم. ويحاول عمر أن يتأقلم مع وضعه الجديد ريثما يتمكن من إيجاد وظيفة ما يستطيع من خلالها حل مشاكله ومتابعة حياته بشكل طبيعي.

حال "عمر" لا يختلف كثيرا عن "هيثم التناري" 30 عاما، وهو أحد المعلمين أيضا وتم طلبه للاحتياط في الجيش ولكنه رفض متخليا عن وظيفته، يحاول جاهدا الحصول على عمل بديل ولكنه لم يوفق حتى الآن بالرغم من أنه يبحث منذ ستة أشهر، يقول: "لم أدع مركزا أو روضة أو مؤسسة أو مجلسا محليا، فقد بحثت كثيرا عن عمل ضمن هذه الهيئات دون جدوى إلى أن وعدني أحدهم باستدعائي في أقرب وقت ما إن يتوافر الشاغر المناسب". وحتى ذلك الوقت يقوم هيثم ببيع بعض الأدوات التجميلية والإكسسوارات في إحدى المحال التجارية براتب زهيد، ويوضح: أصبح العمل بأي شيء أفضل من الوظيفة عند النظام، غالبا ما كنا نتعرض لمواقف مهينة من قبل حواجز الجيش الذي كان يستمتع بسياسة الإذلال التي يتبعها مع الموظفين وعلى الأخص موظفي إدلب وريفها باعتبارها مناطق محررة".

ويبقى السؤال: ما هي إجراءات الحكومة المؤقتة تجاه هؤلاء الموظفين المفصولين وغيرهم ممن يعانون من انعدام فرص العمل في المناطق المحررة؟. تجيب عن هذا السؤال المديرة "حميدة" 45 عاما: "قامت وزارة التربية في الحكومة المؤقتة بإعلان مسابقة لانتقاء عدد من المدرسين في ريف إدلب وذلك لسد الشواغر الكثيرة ضمن مدارس هذه المناطق"، وتشير أن الأعداد كبيرة تجاوزت الآلاف، إلا أن العدد المقرر للتوظيف هو 200 مدرسا ومدرسة فقط.