أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)

لدى داعش في منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك حتى مشارف القدم ويلدا، نحو ثلاثة آلاف مقاتل، ولدى النصرة نحو أربعمائة، يتصارعون بشكل يومي على مناطق النفوذ، هكذا يمكن تلخيص المعاناة في جنوب العاصمة، لكن ما يشهده مخيم اليرموك أعتى من ذلك بكثير.

حصار داخل الحصار

لم يكمل داعش سيطرته على اليرموك ولا حتى جبهة النصرة، لكن تعمّد إخراج المجموعات الإغاثية والطبية المدنية وغير التابعة للمجموعات المسلحة أو داعش أو الفصائل من مخيم اليرموك، الذي وإن هدأت خلال الأيام القليلة الماضية وتيرة القتال فيه بين مختلف المجموعات، يجعل شبح المجاعة التي هيأتها داعش تهديدا حقيقيا لمن خبرها خلال الأعوام الماضية.

حلقات الحصار تتراوح بين شوارع وحارات، أو مناطق وكتل وجيوب داخل المخيمات، أو حصار المخيم بكامله، ما يعني أن هناك حصاراً تسلسلياً قائماً. وخلال نظرة متفحصة تجد اليوم بأن مخيم اليرموك تحوّل بفعل نقاط النفوذ العسكري المتبادل بين مسلحي داعش ومبايعيه من جهة والنصرة وحلفائها من ناحية أخرى إلى مجموعة كتل صغيرة تتسع على شكل حلقات منفصلة، يقبع في غالبيتها المدنيون داخل مجموعة من البيوت المحاصرة محاصرةً مطبقة، وأهم طرق تطبيق هذا الحصار هو القنص، الذي يمنع التحرك حتى بين شوارع الكتلة الصغيرة ذاتها التي تقع داخها بيوت المواطنين المتبقية بين البيوت المهدمة، والشوارع المليئة بالركام، كما تم حرق قرابة ستين بيتاً من مناطق تواجد النصرة السابقة التي دخلتها داعش.

وطالما يفرض واقع الحال تقسيماً عسكرياً ممنهجاً لمخيم اليرموك، فإن السكان المحاصرون يعيشون فيه الآن بلا طعام ولا كهرباء ولا ماء داخل جيوب الرعب المحاصرة بالقنص، وزد على ذلك أنه يقع تحت قصف واشتباكات "كر وفر" أو ثبات في المواقع المحتلة يجري بين الحين والآخر، يمكن وصفه بالعنيف تارة والمتوسط و الخفيف تارة أخرى.

أما القنص فهو الثابت غير المتغير الوحيد من قبل الطرفين، اللذين وصل أمر الوحشية من قبلهما أن يتم قنص حاملي أوعية الطبخ والماء لجلب مياه الشرب من يلدا أو حدودها، فقد وثق ناشطون محاولات قنص بلغت نحو 86 محاولة خلال شهر نيسان المنصرم نجح نحو ثلثها بإصابة مواطنين، وتم قطع يد طفل "12" عاماً من قبل داعش بدعوى السرقة، كما وأعدم عدد من المدنيين "غير المنتمين لأي من الجهات المتقاتلة" بدعوى التكفير أو التعاون مع الطرف الآخر.

وللمدنيين رأي

يحاول أغلب المدنيين داخل المخيم والبالغ عدد المتبقي منهم نحو ستة آلاف ونيف، الخروج باتجاه المناطق المجاورة، وقد نجح بعضهم، وفي ذهنهم شبح المجاعة والحصار السابق، كما ويساهم انعدام توافر الكوادر الطبية في حالات الوفيات الاعتيادية التي زادت بنسبة 80% عن الشهور السابقة.

"أبو فواز" أحد سكان المخيم يقول: " بتنا مشتتين كعوائل داخل المخيم الواحد، نعيش ضمن بيوتنا وإن أحسسنا بالأمان قليلا بات بإمكاننا اجتياز عتبة الباب للوصول إلى الجيران فقط، لا الخروج من الحارة".

"علي. س" أحد ناشطي المخيم يعبر عن امتعاضه لأخبار الآن: "داعش والنصرة أسسا لحصار جديد لليرموك، سيكون الوضع فيه أسوأ من السابق وهم يرشون الشبان أي "اعمل معنا وسيكون لك معونات وراتب في حال عاد الحصار الذي يراه الجميع قادما".

هناك أنباء تترد مؤخراً من داخل اليرموك تفيد بأن التنظيمين يروّجان للخروج كليهما معاً، فقد اكتشفا أن المخيم ليس منطقة استراتيجية، ما يجعل الجميع يسأل ويتهم، لماذا يحصل كل هذا إذن؟.

مخيم اليرموك .. حصار داخل الحصار!