أخبار الآن | أنطاكيا – تركيا (جمال الدين العبد الله)

اضطر العديد من السوريين للانتقال إلى تركيا بعد المعارك العنيفة التي شهدتها معظم المناطق السورية، من عائلات إلى أفراد، بغض النظر عن الفارق الثقافي أو التحصيل العلمي، حيث بقي العديد من أصحاب الشهادات الجامعية بلا عمل ضمن اختصاصه، والبعض الآخر اضطر للعمل في مهن لا تتعلق أبداً بدراسته.

وفي العامين الماضيين ازداد عدد حملة الشهادات الجامعية والتحصيل العلمي العالي القاطنين في تركيا، وذلك لكونهم أتوا هرباً من مناطق النظام عبر بعض الطرق النظامية أو غير الشرعية.

"همام" أحد اللاجئين من محافظة اللاذقية انتقل نحو مدينة أنطاكية التركية -إقليم هاتاي- بعد تخرّجه بأيام من جامعة تشرين، كي لا يُساق إلى الخدمة العسكرية عبر البواخر التي كانت تنقل المسافرين بشكل نظامي بين سوريا وتركيا، والتي أغلقت لاحقاً.

يقول همام: "بعد تخرجي من الجامعة قررت الانتقال نهائياً من سوريا كي لا أتعرض للمتاعب، وأنتظر الوظيفة الحكومية التي ستعود علي براتب لا يكاد يغطي أجرة المواصلات، انتقلت إلى تركيا بشكل نهائي عبر الباخرة، وكنت أظن أنني سأجد عملاً خلال فترة وجيزة، لكن الأيام مضت ولم أجد أي عمل يناسب تحصيلي العلمي".

ويتابع: "تقدمت إلى عدة منظمات إنسانية للعمل، لكنها كانت تتطلب شروطاً تتضمن الخبرة الطويلة وإتقان اللغة التركية التي لا أفقه بها شيئاً، اضطررت بالنهاية للعمل ضمن أحد المعامل المتخصصة في الأحذية، براتب شهري لا يتجاوز الستمائة ليرة تركية شهرياً، أقوم كل فترة بمراجعة عدد من المنظمات لكن إلى الآن لا فائدة".

حلول بسيطة للجامعيين .. لسد الرمق!

اضطر البعض الأخر إلى العمل بشكل فردي ضمن المنزل وخاصة خريجو بعض الاختصاصات التعليمية "الإنكليزية والعربية والرياضيات والفيزياء" وغيرها، بتدريس بعض الطلاب السوريين.

"جميل" أحد خريجي جامعة دمشق ويحمل إجازة في اللغة العربية، اضطر بعد نزوحه نحو تركيا للعمل ضمن مجاله، بعد عمل حملة دعائية صغيرة ضمن أنطاكيا.

يقول: "لم أستطع التأقلم في تركيا في ظل عدم وجود العمل، حاولت التقديم على عدة مدارس سورية ولكن لم يناسبني الوضع الحالي، قمت بالنشر على بعض غرف الخدمات السورية على الفيس بوك والواتس آب لاستعدادي لتقديم دروس خاصة للطلاب بشكل يومي وأسبوعي، وانطلقت بالعمل مع بعض طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، وبعض الأتراك الين يرغبون في تعلم اللغة العربية كتابة ونطقاً".

ويكمل: "مرتاح بعض الشيء في هذا العمل، كونه لا يحتاج إلى الالتزام بدوام بساعات محددة، يأتي الطلاب إلي يومياً في ساعات محددة، لأستلم في نهاية الشهر مخصصاتي المالية منهم، أفكر مستقبلاً في افتتاح معهد تعليمي خاص للسوريين".

وينطبق ذلك أيضاً على خريجي اللغة الإنجليزية، والتي لا تحظى بالاهتمام الكبير في تركيا، وهو ما دعاهم إلى العمل أيضاً في الدروس الخصوصية للطلاب السوريين وبعض الأتراك الذين يريدون تعلم هذه اللغة التي كانت تلقى اهتماماً أكبر في سوريا.

اللغة التركية وخريجو الجامعات .. المعادلة الصعبة

اضطر العديد من السوريين ذوي التحصيل العلمي والجمعي إلى الانضمام لدورات تعليم اللغة التركية "التومر" وذلك لزيادة خبرتهم وامتلاك أهم مقوّم قد يساعدهم في تأمين عمل لدى المؤسسات التركية.

وقد تصل مدة دورة "التومر" إلى أكثر من ثمانية أشهر، مع التكلفة المادية، ولكن البعض يجدها ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها وخصيصاً لمن أراد العمل في تركيا والاستقرار فيها.

"خليل" الحائز على شهادة ماجستير في الاقتصاد من جامعة تشرين، بعد انتقاله إلى تركيا واستقراره فيها، قدم على العديد من الوظائف لدى المؤسسات الإغاثية الدولية والتركية، لكن معظمها قوبل بالرفض.

يقول: "أتقن اللغة الإنجليزية قراءة وكتابة وترجمة، بالإضافة إلى الإجازة في التجارة والاقتصاد، لكن أول سؤال يواجهني عند التقديم إلى الوظيفة هو عن إتقاني للغة التركية، مما اضطرني إلى الانضمام إلى إحدى دورات تعليم اللغة التركية، وهكذا أمتلك عدة مؤهلات، الدراسية وثلاث لغات".

تواجه الشريحة المتعلمة في تركيا مشكلة عدم إيجاد الوظائف المتوافقة مع خبراتهم ودراستهم التي أفنوا عمرهم من أجلها، مما دعا العديد من تأسيس جمعيات وصفحات تعنى في تسهيل حصولهم على وظائف ملائمة ووضع النصائح للحصول على عمل مناسب.