أخبار الآن | اسطنبول – تركيا (جابر المر)

بعد أن ضاقت سبل السفر بالسوريين، وباتت سفارات العالم تكدّس طلبات لجوئهم إلى دولها دونما طائل، عاد السوريون إلى امتيازات جواز سفرهم المحدودة، للبحث عن الدول التي يمكنهم السفر إليها دون تأشيرة دخول، وكان "الإكوادور" في قارة أمريكا الجنوبية ضمن الدول الأبرز.

نحو عالم آخر

لا تزال ذاكرة الهجرة لدى أبناء بلاد الشام، بشكل خاص، حاضرة حول وجهة أجدادهم نحو بلدان أمريكا للاتينية منذ قرنين من الزمان. فقد فرضت ظروف الحرب في المنطقة في ذلك الوقت على الكثير من السكان الهرب من الموت، وكانت دولا مثل البرازيل والأرجنتين والمكسيك ملاذا لهم آنذاك.

اليوم، وفي ظل المعاناة التي يعيشها السوريون، باتت بعض الدول التي تسهّل عملية اللجوء إليها مقصدا لهم. ففي اللجوء إلى الإكوادور تنتهي أزمة تكاليف الفيزا، وانتظارها، لتبدأ أزمة تكاليف حجوزات الطيران المرتفعة إلى أمريكا اللاتينية، حيث يضطر المسافر إلى قضاء قرابة 17 ساعة في الجو، في واحدة من الرحلات الأبعد والأطول في العالم.

"هاني محمد" أحد المسافرين السوريين من لبنان يقول: "أمضينا في الجو 17 ساعة، وعندما نزلنا من الطائرة كانت أشكالنا وكأننا ولدنا فيها، لم أكن أتخيل يوما أني سأقطع هذه المسافات من العالم".

عدا عن أن الإكوادور لا تحتاج إلى فيزا، فإن طبيعة الحياة اللاتينية فيها وقرب منطق الحياة هناك من منطق الحياة في الشرق الأوسط، وخصوصا من النواحي السياسية والاجتماعية، هو ما يجعلها وجهة السوريين الذين باتوا يفضلون الرحيل عن العالم المحصور بين الشرق الأوسط وأوروبا، والذي ما زالت مشاكله مع "الإرهاب" تتوالد يوما إثر يوم.

البلد البكر

ومع  ابتعاد الإكوادور، فإن الجديد فيها بالنسبة للسوريين لا ينتهي، بدءا من مطبخها، وصولا إلى شكل الحياة فالمناخ الاستوائي. وهذه الأسباب هي ما يدفع الشباب السوري اليوم إلى التوجه إليها، فالشباب الذين يريدون بداية حياة جديدة وتأسيس مستقبل في البلاد ستساعدهم الإكوادور على ذلك لقلة تكاليف الحياة فيها، ولغرابة المشاريع التي يُعرف بها السوريون والآتية من ثقافتهم عن البلد تماما.

وليس السوريون هم أول من تعامل مع الإكوادور من المنطقة فلجأ إليها واستثمر فيها، إنما سبقه إلى ذلك جالية لبنانية كبيرة رحلت إلى أمريكا اللاتينية خلال الحرب الأهلية اللبنانية. يقول أحمد حاج علي: "لقد بدأت العمل في المخلل، وهو منتج غريب تماما عن ثقافة الإكوادور، أحبه الناس ونجح المشروع ببساطة لم أكن أتخيلها، لكن لهذه البلاد صعوبات أخرى تتلخص في الأوضاع الأمنية واللغة والاندماج".

عندما أقسم الأسد على أن يحرق البلد ونفذ وعيده خلال الأعوام التي تلت هذا التهديد، تشظى السوريون في العالم كله، لم يكن أحد يعرف الإكوادور إلا من خلال ترشح منتخبها لكرة القدم لنهائيات كأس العالم، وعدا ذلك فالبلد البعيد لم يكن حتى يخطر ببال احد زيارته، لكن رداءة حال السوريين ورداءة جوازات سفرهم لم تترك لهم خيار إلا أن يطيروا فوق العالم كله، ويحطوا هناك.

الإكوادور .. منفى جديد للسوريين