أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (أسامة زين الدين)

في مشهد بعيد عن المعاناة الإنسانية المفجعة لأزمة النزوح السورية في مختلف البلاد، والذين ينظر إليهم كعبء اقتصادي لا يحتمل، يساهم في استنزاف الموارد العامة ويستولي على الوظائف من السكان المحليين، احتلت رؤوس الأموال والشركات السورية في تركيا التي تأسست العام الماضي المركز الأول بين المستثمرين الأجانب، بنسبة وصلت إلى 22.3 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البلاد.

وقد جاوز عدد الشركات الأجنبية في تركيا التي أنشأها سوريون في العام الماضي فقط ألفا و429 شركة، وتفوقت بفارق كبير جدا عن أقرب منافسيها من المستثمرين الألمان الذي لم يبلغ عدد شركاتهم سوى 310 شركة، وحلوا في المركز الثاني.

تنتشر الشركات السورية في تركيا على نطاق واسع، إلّا أنّها تميل إلى التركيز على المطاعم، وأعمال البناء، والتجارة، والمنسوجات، والعقارات، والسفر، والنقل، والمواد الغذائية، وتعمل على توظيف نسبة كبيرة من 400 ألف من السوريين الذين يعملون بشكل غير رسمي، حيث يحصلون على أقل من الحد الأدنى للأجور ولا يتمتعون بأية مزايا اجتماعية. ويتوقع أن يتغير هذا الأمر في سعي الحكومة التركية لتحسين أوضاع السوريين فيها. وقد فتح باب هذه التغييرات مطلع هذا العام بإطلاق إذن العمل للسوريين والسماح لهم بالعمل في الشركات التركية، على أن لا يزيد نسبة عمالتهم فيها عن 10 بالمائة. ويتوقع أن تصدر مزيد من القوانين التي تحمي العاملين في هذه الشركات.

خصوصية تركيا في الاستثمار السوري

وفقا لمركز دراسات اللاجئين في أكسفورد، لم يعان السوريون الذي قارب عددهم الثلاثة ملايين في تركيا العدائية التي عاناها أقرانهم في بقية البلدان المحيطة بسورية. ويعزى ذلك لقوة الاقتصاد التركي وبيئته المفتوحة، وعدد سكانه الكبير الذي يقارب الثمانين مليون نسمة مقارنة بلبنان والأردن الذين يبلغ عدد السوريون نسبة كبيرة، تصل إلى ربع وخمس عدد السكان على التوالي.

وصلت قيمة رأس المال المدفوع من الشركات السورية في تركيا إلى 220 مليون دولار في عام 2015. ولا يشمل هذا المبلغ الشركات والصناديق الرسمية التي تستثمر مباشرة في الاقتصاد عبر صفقات عقارية، ومعاملات تجارية باستخدام شركات وهمية، وما إلى ذلك. ووفقًا للمكتب التجاري السوري "وهي شركة استشارية في مرسين" فإنَّ ما لا يقل عن 10 مليار دولار من المال السوري تدفق في تركيا منذ عام 2011، ومعظمها في المحافظات الجنوبية وبلغ رأس مال الشركات السورية 220 مليون دولار

تركيا خيار المستثمرين السوريين في الخليج

يعاني السوريون في الخليج من صرامة قوانين العمل الخليجية وصعوبتها بالنسبة للأجانب، حيث يعد من المستحيل الحصول على الجنسية، إضافة إلى خطر الترحيل الدائم الذي يعد هاجسا كبيرا لهم بعد قضاء عشرات السنوات بنوا فيها تجارة وشركات ضخمة.
الدكتور "محمد" أحد المستثمرين السوريين الذين يعملون في قطاع الأدوية، ولديه العديد من المصانع في السعودية قرر نقل جزء من استثماراته لتركيا، ويقول لأخبار الآن أنه مرتاح بشكل كبير لهذا القرار ويرى تجاوبا كبيرا وسهولة في الإجراءات التي أنهاها بسرعة من شراء الأراضي في المناطق الصناعية في تركيا، إضافة إلى وعود بحصوله على الجنسية التركية خلال فترة قصيرة نسبياً، وهو ما يشكل راحة نفسية له وبديلا في وطنه سوريا الذي لا يستطيع العودة له، وعن الخليج الذي لا يشعر فيه بالاستقرار.

يشار إلى أن تركيا شهدت تزايدا مستمرا في إنشاء الشركات السورية منذ بدء الثورة، ووفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن الاتحاد التركي للغرف وتبادل السلع، تضاعف عدد الشركات السورية التي تتأسس سنويًا في تركيا ثلاثة أضعاف بين عام 2013 على عام 2014.