أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (حلا محمد)

 

لعل أكثر ما يفتقده الإنسان خلال تهجيره عن بلده هو أهله وأحبابه، والمناطق التي ترعرع وكبر فيها، وقضى فيها مراحل الطفولة والشباب، تفاصيل لحياة اليومية التي لا ينتبه لها كثيرا، وأحيانا تكون الصورة كافية لارتواء الذاكرة والحنين، وها ما يحدث فعلا مع المهجرين من مدينة اللاذقية نحو المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو تركيا أو أوربا.

ومع انتشار التكنولوجيا في المنطقة وانتشار الجوالات المزودة بكاميرا والتي غالباً تكون دقتها مرتفعة بشكل كبير لالتقاط صور مميزة، فضلاً عن توافر شبكة الإنترنت سواء على الواي فاي أو على الجوال، كل ذلك سهّل نقل تلك الصور والذكريات من منطقة إلى أخرى بعيدة آلاف الكيلومترات خلال ثوان من الزمن.

أخوة فرقهم الزمن وجمعتهم الصور

التقيت مع "هدى" 26 عاما، من حي الصليبة في مدينة اللاذقية، والتي سافر أخوها منذ عامين نحو تركيا وذلك تهرّباً من خدمة الاحتياط، تقول: "قبيل سفر أخي بساعات قام بمحو جميع الصور والأرقام على جواله لكونه مسافراً عبر البحر، وسيخضع لعملية تفتيش دقيقة، وقد يعتقله الأمن العسكري لكونه ضمن سن الاحتياط، وبذلك ذهبت جميع ذكريات العائلة والحي وجميع اللحظات التي جمعتنا، وتم السفر إلى تركيا دون أي عواقب".

وتضيف هدى: "لم نستطع التواصل مع أخي لأكثر من شهر، وذلك لتخوفي بأن يكون خط الجوال الخاص بي مراقباً، ووصل الأمر إلى أن قام أخي بتفعيل برنامج الواتس آب على رقمه السوري الذي حوله لخدمة التجوال الدولي، وعندها استطعت التواصل معه وإرسال صوري وصور عائلتي وحتى صور غرفته وسريره والحي، قد تروينا الصور من الحنين رغم كونها الكترونية".

التواصل الصوتي أيضاً قرب المسافات

بينما تروي "هبة" طريقة تواصلها مع خطيبها الذي هاجر منذ عام نحو ألمانيا، وفقدت طرق الاتصال مرتفع الثمن على شباكات الأرضي والجوال، واستعيض عنها بالمكالمات الصوتية سواء على برامج "الفايبر والواتس آب والماسنجر".

تقول: "بعد سفر خطيبي نحو تركيا لمحاولة الهجرة إلى أوروبا، لم يستطع التواصل معنا عبر الخط التركي لضرورات أمنية، بل أصبحنا نتواصل معه طوال الطريق من اليونان إلى ألمانيا عبر الفايبر، بل ويرسل لنا صوره وهو متواجد ضمن البلم، وفي جميع مراحل السفر وصولاً إلى ألمانيا".

تكمل هبة حديثها: "استغنينا عن شبكات الاتصال العادية وأصبحنا نتواصل ونتبادل الصور إلكترونياً، بل والحديث الصوتي لساعات وساعات دون تكاليف باهظة الثمن، قد ألحق به في وقت قريب، وأعود وأتواصل مع أهلي يوماً ما بذات الطريقة".

الصور تنتقل بين مناطق سيطرة النظام والمحررة بلا حواجز

اضطرت الظروف الراهنة سفر عدد كبير من العائلات والشباب نحو المناطق المحررة لكونهم مطلوبين لأمن النظام وذلك بسبب المشاركة بالمظاهرات المناوئة لنظام الأسد، أو الهروب لأي سبب يتعلق بالنظام وأمنه على حسب تعبير حكومة النظام.

"جميلة" طالبة في جامعة تشرين لم تلتق بأخيها وأبيها لأكثر من ثلاث سنوات، وبعد مداهمة الأمن لمنزلهم الكائن في حي "الرمل الفلسطيني" وهروب أبيها وأخيها لجهة مجهولة، بقيت جميلة وأهلها لأكثر من شهرين لم يعلما أي شيء عنهما، إلى أن تواصلا معهما عبر مكالمة صوتية.

تقول جميلة: "فوجئت بعد شهرين من فقدان أبي وأخي بمكالمة هاتفية من رقم سوري لم أتعرف عليه، ترددت بالبداية في الرد عليه، وبعد عدة مرات من الرنين رددت لأفاجئ بصوت أخي يقول لي "كيف حالك أختي، أنا أخوك" لأنفجر في البكاء، لفقدان أملي في بقائهم على قيد الحياة".

وتضيف: "تحدثت معه لبضع دقائق دون الإفصاح عن مكان تواجده هو وأبي، ودون أية كلمة قد تعرضنا للخطر، وبعد المكالمة تواصل معي عبر الواتس آب، ليخبرني أنه استطاع الحصول على رقمي من إحدى العائلات النازحة في ريف اللاذقية المحرر، والتي كانت عائلة إحدى جيراننا، لنتواصل بعدها بشكل يومي".

اقرأ ايضا:

صور ومعلومات حصرية لأخبار الآن تظهر آثار الكيماوي على غوطتي دمشق

مداهمات واعتقالات للنازحين.. "طرطوس" على وقع الانتقام الطائفي