أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (حلا محمد)

بعد التشديد الأمني الذي تخضع له مدينة اللاذقية، وخصوصاً بعد انتشار القوات الروسية بشكل محدود، وزيادة التدقيق الأمني في مداخل المدينة ومخارجها، وضمن الأحياء، وازدياد ظاهرة الاعتقال تحت ذريعة الاحتياط، يلجأ أهالي المدينة إلى تمضية أوقاتهم بحيث لا يتعرضون إلى أي مضايقات أو اعتقال.

أرباب البيوت في أعمالهم .. والموظفون ضمن روتين قاتل

يقضي معظم أرباب البيوت من ذوي الدخل المحدود أوقاتهم في أعمالهم، حيث من لا يعمل لا يأكل، مثل "أبو جميل" الذي يخرج وبشكل يومي نحو بسطته في سوق الخضار في منطقة "أوغاريت" رغم مضايقات البلدية والتهديد بشكل دائم بإزالة البسطات، والذي يدفع "الرشاوى" ليبقى مصدر رزقه، ومن لا يدفع ينتهي به المطاف عاطلاً عن العمل بعد مصادرة أدوات عيشه.

يقول "أبو جميل" الأربعيني المعيل لخمسة أشخاص: "أعمل على عربتي منذ أكثر من عشر سنوات، ولكن في الفترة الأخيرة كثرت المضايقات، والتمييز الطائفي كان حاضراً بشكل دائم، وحتى البسطات لها واسطات!، وبعد إنهاء عملي أبقى في منزلي لا أغادره إلا للضرورة القصوى، أشاهد التلفاز في ساعات التقنين القليلة".

بينما يذهب "جلال" يومياً إلى وظيفته عبر "باص" النقل الداخلي الذي وصل سعر تذكرته إلى عشرين ليرة مقابل سفرة واحدة، من أجل راتب لا يتجاوز 25 ألف ليرة يدفع نصفهم ثمن التنقلات والسجائر، إذ سيطر روتين قاتل على دوام معظم الموظفين الحكوميين، حيث يقول: "الوظائف الحكومية أصبحت مملة وروتينية، فالأشخاص نفسهم، والأمن والواسطات ذاتها، ولا أستطيع التكلم في أموري الشخصية مع أي موظف معي، لأن "طق البراغي" هو الموضة الدارجة، وأمضي بقية يومي مع بعض أصدقائي في لعب الورق في إحدى المقاهي الشعبية، للترويح عن نفسي ولكن الروتين قتلني".

الفتيات يبقين في المنازل .. وربات البيوت تساعدن أزواجهن

بينما تمضي الفتيات في مدينة اللاذقية معظم أوقاتهن في المنازل، فلا يستطعن كما اعتدن من ذي قبل الذهاب إلى "الكورنيش البحري"، حيث يكثر الشباب الطائش والعساكر من محافظات والطوائف الأخرى المتخصصون في تعكير صفو الأهالي، تقول "لبنى" 25 عاما: "بعد تخرجي من الجامعة أنتظر التعيين للوظيفة ولكن والدي يرفض الفكرة بشكل قاطع، أمضي يومي على الجوال وبرامج الإنترنت لقتل الوقت، وأنتظر "عريسا" الذي قد يخلّصني من هذا الجو الكئيب ويسافر بي بعيداً".

أما "هيام" أم لخمسة أطفال، فتمضي معظم وقتها في تدريس أبنائها والطبخ والأعمال المنزلية التي لا تنتهي كما تقول: "لا أحب الخروج من المنزل، مسؤوليتي كبيرة، أحضر أطفالي الثلاثة للمدرسة بشكل يومي وأنتظر قدومهم لأدرسهم الوظائف اليومية، ومن ثم أقوم بتحضير طعام الغداء، وفي الليل أشغل وقتي في حياكة الصوف والأشغال المنزلية أو في زيارة الجيران".

جنة الأطفال بيوتهم .. وعصافير الجنة حريتهم محدودة

يمضي معظم أطفال اللاذقية أوقاتهم بين المدرسة والبيت، حيث يقوم بعض الأهالي بتسجيل أبنائهم في مدارس خاصة، من أجل الأمان وضبط التسيّب في المدارس الحكومية، ومن أجل "باص" المدرسة الذي ينقلهم بشكل يومي من البيت إلى المدرسة وبالعكس، ناهيك عن فقدان البهجة في اللعب خارج المنزل.

يقول "علي" 12 عاما: سئمت هذا الجو المليء بالخوف، مدرسة ثم البيت وبالعكس، حتى بعد إنهاء واجباتي المدرسية لا أستطيع الخروج واللعب في الحي مع أصدقائي، ولا أستطيع مشاهدة التلفاز بسبب التقنين الكهربائي، أمضي معظم وقتي في الرسم واللعب مع أخي الصغير، وحتى الذهاب إلى الحديقة المجاورة مع عائلتي لا يحدث إلا نادراً".

يعيش أهالي اللاذقية التي يصفها البعض "بالسجن الكبير" بعد التشديد الأمني الكبير الذي تشهده المدينة منذ أكثر من أربعة أعوام، وينتظرون "المعجزة" التي قد تغيّر مصيرهم نحو الأفضل، فكما يقول أهل اللاذقية: البحر حزين على ما حل بعروس الساحل.