أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (منى عواد)

يكاد الخبراء والمراقبون يجمعون على أن احتلال داعش لمساحات شاسعة في سوريا والعراق واستقطابه عشرات الآلاف من المقاتلين، يعودان إلى استخدامه آلة إعلامية ضخمة تدور عجلاتها على وقود تزوير الحقائق  ومبدأ الترهيب واستقطاب الأطفال والنساء والشباب. أحد هذه الأدوات هي وكالة أعماق الاخبارية، نحن في أخبار الآن حللنا محتوى ما تبثه ورصدنا أكاذيبها وتزيفها الحقائق. تقرير الزميلة منى عواد يحمل التفاصيل.

يروجُ تنظيمُ داعش إعلامَه الكاذبَ بعدةِ وسائلَ إعلاميةٍ يعتمدُ فيها على الكَذِب ونشرِ الرعبِ والترهيبِ في النفوس.

يركزُ إعلامُ  داعش من حيثُ الأهدافُ في خُطتِهِ الإعلاميةِ الدعائيةِ على هدفين متلازمين: 

الأولُ ، هو سعيُه إلى بثِّ الخوفِ في الجمهور المعادي له عبر تقديمِ صورتِه المخيفةِ والقاسيةِ مع الخصم لكسره وجعلِه يَخضَعُ وينهارُ، مستخدمًا الصوتَ والصورةَ وجميعَ المؤثراتِ النفسيةِ والشعورية.

أما الهدفُ الثاني فهو محاولتُه التعريفَ بالتنظيم ومنهجِه الفكريِّ والردَّ على من يخالفُه، وإظهارَ جوانبَ إنسانيةٍ يزعمُ أنه يتمتعُ بها ، محاولًا تقديمَ صورةٍ مثاليةٍ له فكرًا وتنظيمًا ونمطَ حياةٍ اجتماعيةٍ ويتوجهُ  عادةً بهذه الصورةِ إلى متلقي رسائلِه في البيئاتِ التي احتضنتْهُ فعلًا أو معنويًا، محاولًا استقطابَ الشبابِ وتجنيدَهم في كل بلدانِ العالمِ الإسلامي.

وكالةُ "أعماق" التابعةُ لداعش  هي مثالٌ لإعلام داعش الذي يُزيفُ الحقائقَ على الأرض إذ  تنشرُ الوكالةُ " سيلاً من الأخبار القصيرةِ على تطبيقٍ هاتفيٍ مُشفرٍ اسمُه "تليغرام" على غِرارِ وكالاتِ الأنباءِ الرسميةِ التي تعملُ في دولٍ شٌموليةٍ،  وترتدي الأخبارُ والمقالاتُ وأفلامُ الفيديو مظهرَ الصِحافةِ المتعارفِ عليها بعناوينَ منها "عاجل" و"حصري , لكنْ وفي خلال بحثِنا في أخبارِ الآن رأينا أن وكالةَ أعماق تعمَدُ دومًا إلى التهويل والمبالغةِ  في عددِ ضحايا الأعتداءاتِ التي ينفذُها إرهابيو التنظيم، فضلا عن مُجانبةِ الحقيقةِ في وصف الضحايا، فعلى سبيل المثالِ، حين ينفذُ انتحاريٌ هجومًا بسيارة ملغمةٍ على نقطةٍ للجيش الحر أو فصائلِ المعارضةِ المسلحةِ، تنشرُ أعماق الخبرَ مرفقًا بصورِه مدعيةً أن الهجومَ كان على نقطة لجيشِ النظام، فضلًا عن التهويل في عدد الضحايا. 

وعلى سبيل المثال أيضًا، عُرِفَ عن أعماق عدمُ صِدقيتِها ودقتِها في نقل تفاصيلِ المعاركِ المحتدمةِ بين داعش والثوار، إذ تعلنُ الوكالةُ سيطرةَ داعش على قريةٍ ما، بينما المعاركُ لا تزالُ جاريةً، والكِفةُ راجحةٌ للثوار، كما حصَلَ مؤخرًا في بلدة الراعي في ريف حلب.

وكالةُ أعماق التابعةُ لداعش لاتذكرُ أبدًا خسائرَ التنظيم في أيِّ مكانٍ تقاتُل فيه فقد خسِرَ داعش مؤخرًا العشراتِ من قادتِه وأفرادِه قُتلوا إما بغاراتٍ جويةٍ نفذتها قواتُ التحالفِ أو في عمليات إنزالٍ لقواتٍ خاصةٍ أو في المعارك التي يخوضُها.

أما فيما يخصُّ مناطقَ احتلالِ داعش، فإن أعماق دأبتْ على نشر مقاطعَ مصورةٍ، يُلِقِّنُ فيها أهاليَ تلك  المناطقِ ما يخدمُ مصالحَ التنظيم، ومن لك غاراتُ طائراتِ التحالفِ على أماكنِ تجمعِ المدنيين، وتفنيدُ حقيقةِ تقدمِ القوات البرية إلى المناطقِ المعلنة، كما يحدثُ في العراق.

وفي العراق أيضًا ، وتحديدًا في المَوصل في الوقت الذي  تعيشُ فيه المدينةُ وضعًا مأساويًا، منذ احتلالِ داعش تعاني الآن شُحَّ المواردِ وقلةَ الوظائفِ وتزايدَ نطاقِ العقوباتِ القاسيةِ والعلنية. تسعى أعماق بنشر مقاطعَ مصورةٍ إلى إظهارِ الحياةِ تحت احتلال داعش أنها تسيرُ كالمعتاد بينما هي على أرض الواقعِ خلافُ ذلك تماماً ومن خلال نشرِ آراءٍ لبعض الناس لاحظنا أنهم ملقنون.

ونبقى في مناطقِ احتلال داعش، حيث تستغلُ الوكالةُ عدمَ قدرةِ أيٍ من السكان على الاتصال بالعالم الخارجي لتنشرَ ما يروقُ للتنظيم، كما حدثَ إبَّان غارةِ طائراتِ التحالف على مصارف داعش في المَوْصل، ليزعمَ التنظيمُ أن الغاراتِ أصابتْ مصارفَ فارغةً، بينما أكدتْ صورٌ نشرتها الحكومةُ الأمريكيةُ احتراقَ كمٍ كبيرٍ من الأوراق
النقدية.

المتتبعُ للأخبار المنشورةِ في الوكالة يرى بوضوح مساعيَ لتعزيز النَفَسِ الطائفي وإذكاءِ الكراهيةِ بين المسلمين باختلاف فئاتِهم.

بإختصار فإن إعلامَ داعش  يهدِفُ إلى التأثير نفسيًا في متلقي أفلامِه، سواءٌ من مؤيديه أم معارضيِهِ، ويستخدمُ الحربَ النفسيةَ باحترافية عاليةٍ ليبُثَّ من خلالها الرعبَ في نفوس المواطنين، لحثِّهم على الاستسلام لحكمِه أو النزوحِ بعيدًا عن المناطقِ التي يحتلُها.