أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

باتت طبيعية أخبار غلاء الأسعار التي تأتي من دمشق، وبات من الطبيعي أن تسمع عن حملات إغاثية وأخرى مناجية تطالب بالتوازن بين دخل الفرد وسعر السلع، خصوصاً بعد أن انخفض سعر صرف الدولار وبقيت الأسعار كما هي، ما شكل كارثة حلّت على جميع من تعامل بالدولار كحل جذري لمشكلة الغلاء.

أناشيد رمضان في دمشق .. بين "بلبل الشام" والأغاني الطائفية

مع بداية شهر رمضان لم تتغير الأحوال كثيراً، فالأسعار كما هي أحياناً تنخفض بقيمة عشرين ليرة سورية على السلعة وغالباً ما تعود للارتفاع أكثر من النصف.

وزارة التموين تطلق الأكاذيب

كل هذا يحدث اليوم في دمشق، وخصوصاً مع بدء شهر رمضان الذي ترتفع فيه الأسعار في الحالات الطبيعية فكيف إذا كان الوضع الإنساني والاقتصادي غاية في التعقيد.
تتحدث وزارة التموين عن خطط تموينية جديدة في رمضان، جاء في بيانها: "تم تقسيم مدينة دمشق إلى أربعة قطاعات رئيسية لمراقبتها .وتسهيل مراقبة الريف وإغلاق جميع المحلات التي تتم مخالفتها والتي تتعلق بالمواد الاساسية الغذائية التي تهم معيشة المواطن اليومية .القيام بجولات ميدانية للتأكد من حسن تطبيق الاجراءات المتخذة وتوفير السلع الاستهلاكية ومعالجة أي طارئ يعترض مسار العمل .التشدد بتطبيق القوانين والقرارات النافذة بالإعلان عن الأسعار وتداول الفواتير بين مختلف حلقات الوساطة التجارية وتدقيق بطاقة البيان للمواد الغذائية".

لم الشمل.. مأساة السوريين المغيّبة

"كل ذلك من شأنه أن يساعد على السرقة"، يقول "معتز" صاحب محل تجاري في منطقة الزاهرة: عن أيّ مراقبة يتحدثون وهم من يرفعون الأسعار ويتلاعبون بها، لم يعد بإمكانك شراء موادك الناقصة بسبب تواتر الأسعار بشكل دائم. وزارة التموين كاذبة وبيانها هذا يبدو بمثابة إسكات عن احتجاجات التجار والزبائن.

ويتابع "أحمد" البائع الآخر ساخرا: "هل يريدون مراقبة الريف؟ هذا غريب فقد بات الريف الدمشقي مدمر ومقسم، يجب فك الحصار عنه بدل مراقبته، وهل مازالوا يعتقدون أن خضرة الشام من الغوطة".

إلى جانب كل ذلك تبدو إيران غير متخلية عن مهمتها بتموين دمشق بالمواد الغذائية اللازمة، فقد ضُخت مؤخراً في الأسواق مواداً غذائية غريبة على السوق، كالدجاج والسمك الإيراني وبعض أنواع المعلبات، حيث أقبل عليها الناس وبشدة بسبب رخص ثمنها من جهة، واعترافاً بالجميل من جهة أخرى.

رمضان في اللاذقية .. ذكريات العائلة السورية وعادات تتراجع أمام الغلاء

تبرعات شيشانية!!

في مقابل ذلك نظم الرئيس الشيشاني بالوكالة "رمضان قديروف" حملة خيرية في دمشق بمناسبة شهر رمضان المبارك تستهدف مساعدة آلاف النازحين .وقال قديروف، عبر حسابه على موقع "فكونتاكتي" الإلكتروني، إنه سيتم، في إطار الحملة توزيع 5 آلاف وجبة سحور يوميا و20 ألف وجبة إفطار ساخنة. حيث سيتولى رئيس صندوقه الخاص المسائل التنظيمية للحملة. وستوزع الوجبات الرمضانية في المدارس والمستشفيات والمساجد ومخيمات النازحين طوال شهر رمضان حتى عيد الفطر المبارك.

هذه الحملة أثارت حفيظة بعض الناس من سكان دمشق، فتساءلوا وهل أصبحت الشيشان أغنى من سورية حتى تتبرع لها، أما أن هناك صفقات تمّر على حساب إطعام أهل دمشق في شهر رمضان؟.

الغوطة قبل رمضان.. يرتفع الدولار ترتفع الأسعار، ينزل الدولار ترتفع الأسعار

هذا ما أوصلنا له النظام المجرم، يقول أبو عمر 50 سنة: "وهل يعقل أن تقف طوابير الناس أمام الجوامع لانتظار الوجبات الشيشانية، دمشق التي كانت تطعم كل شخص يمر في الطريق باتت اليوم بحاجة للتبرعات الغريبة، وهل يُعقل أن يتحول الجامع الأموي الذي كان يكتظ الناس داخله خلال الإفطار، إلى مكان تجمع لتوزيع المعونات. هذا غير منصف، دمشق ليست فقيرة وأهلها ليسوا فقراء بل هناك من جعلهم فقراءً عن قصد ليبقوا تحت جناحه دائماً".

وبعيداً عن كل ذلك تبدو مشاريع التبرع والخطط لا تجدي نفعاً أمام الغلاء الذي يرزح على قلوب الناس، هناك الكثير ممن يرفضون هذه التبرعات والكثيرين ممن لا يصدقون التصاريح والخطط، هؤلاء من يطعمهم؟ فقد أصبح سؤال "ماذا سنأكل اليوم" سؤالاً مؤرقاً عند الجميع.

"الله يعرف كيف نُجمّع ثمن الطبخة" تقول "أم مريم" التي تعيش على أجر زوجها المتوفي والذي لم يعد يكفيها لثالث يوم في الشهر. وتكمل: "كل يوم تبدو الحياة أصعب، لديّ ثلاثة أطفال عليّ أن أطعمهم حتى لو اضطررت أن أقطع من لحمي".

هذا حال من وجد لديهم دخل ضعيف من الموظفين والعمال والعائلات التي تعيش على رواتب التقاعد، إذاً فما يكون عليه حال من فقدوا كل مُعيل وكل مأمن؟.

"أطفال لا جنود" حملة للحد من ظاهرة تجنيد الأطفال في جبهة النصرة