أخبار الآن | القلمون – سوريا (أبو محمد اليبرودي)

تعتبر زراعة "الكرز" في جرود القلمون إحدى أهم مصادر الدخل لأبناء القرى على الحدود السورية اللبنانية من كلا البلدين، إلا أن اندلاع المعارك في جرود القلمون إثر هجمات ميليشيا "حزب الله" على مدن القلمون ونزوح أبنائه إلى الجرود، جعل هذه المهنة محفوفة بالمخاطر وأصبح المزارعون عرضة للموت بشكل مستمر في سبيل جني محصولهم الذي يعتبر مصدر دخلهم الرئيسي لفصل الشتاء.

"حب في الحصار".. الموت والحياة في جنوب دمشق

ففي حادثة باتت شبه متكررة في مواسم جني محصول الكرز صيفا في جرود عرسال، استقبل أهالي عرسال خبر مقتل أحد أبناء البلدة مع نهاية الأسبوع الفائت والمدعو "حسن الفليطي" أثناء جنيه لمحصول الكرز مع عائلته بعد استهدافهم بشكل مباشر من قبل حواجز حزب الله المنتشرة في المنطقة؛ والذين لولا تدخل كتائب الثوار المتمركزة في الجرود لسقط باقي أفراد العائلة قتلى أيضا بسبب عدم سماح الحزب لأي شخص للتدخل لإسعافهم.

قتلى وجرحى من المزارعين

يقول "أبو جعفر الشامي" الإعلامي في "سريا أهل الشام" أن "حسين الفليطي" وعائلته كانوا يجنون محصول الكرز من حقلهما الواقع بين نقاط رباط ثوار السرايا ونقاط حزب الله في جرود عرسال، ما جعلهم عرضة للاستهداف المباشر من الحزب بالدبابات والرشاشات الثقيلة ليسقط حسن قتيلا ويصاب أفراد عائلته المكونة من زوجته وابنته وابنه" الذي كانت إصابته بالغة"، ما دفع الثوار للتوجه لإنقاذهم قبل إعادة استهداف الحزب لهم مرة أخرى.

جنوب دمشق.. توفر للمواد الغذائية وارتفاع حاد في الأسعار

ويضيف الشامي أن عملية إنقاذ المصابين وسحب جثة الفليطي لم تكن بالأمر السهل، فالحزب عمد إلى استهدافهم كاستدراج للثوار لمرمى نيران الحزب وهذا ما حصل بفتح نيران الحزب على الثوار الذين حاولوا إسعاف الجرحى، ما دفع الثوار للرد بشكل قوي بالرشاشات المتوسطة على نقاط الحزب لإشغاله بينما تكفل بعض عناصر الثوار بسحب الجرحى والجثة، لينتهي الأمر بتسليم الجرحى وجثة الفليطي إلى الهلال الأحمر اللبناني عند حدود بلدة عرسال.

ويذكر "باسل أبو الجود" إعلامي الهيئة الثورية في يبرود، أنها ليست الحادثة الأولى لاستهداف الحزب لمزارعي الكرز في الجرود، فمنذ العام الفائت يقوم الحزب باستهداف كل المزارعين الذين تقع أراضيهم ضمن مناطق نفوذ الثوار في الجرود دون تمييز إن كانوا قادمين من الأراضي السورية أو من عرسال اللبنانية، وذلك بحجة ضرب المتطرفين المتواجدين في الجرود ولدفع المزارعين للسخط على الثوار بإظهار أن تواجدهم هو سبب جلب القصف للمنطقة وليس العكس.

الجيش الحر في القنيطرة يطلق معركة لبيك يا داريا

عمل خطر

وعن معاناة المزارعين، يتحدث "أبو خالد الحجيري" وهو صاحب مزرعة كرز في جرود عرسال، أن مهنتهم باتت من أخطر المهن وذلك بسبب القصف المتكرر على الجرود وخاصة بعد تحولها لمناطق اشتباك. إلا أن البعض يضطر للمخاطرة بنفسه والذهاب لجلب محصول الكرز الصيفي "الذي يعتبر ثمنه هو مصدر مصروفهم الأساسي خلال فصل الشتاء القاحل في عرسال" وبدونه ستكون معيشتهم قاسية في ظل الحصار المفروض على البلدة من قبل حزب الله.

ويضيف الحجيري أن العديد من مزارع الكرز قد تضررت بالكامل وذلك بعد صعوبة الوصول إليها في كل الأوقات من العام للاعتناء بها، ما جعل بعض المزارعين يفضلون هجرها حفاظا على حياتهم بسبب استحالة الوصول إليها كونها تقع في منطقة متوسطة بين نقاط الحزب ونقاط الثوار بالإضافة لتضررها بالكامل بسبب القصف اليومي والمستمر منذ عامين على تلك المناطق من قبل النظام السوري وحزب الله والجيش اللبناني مؤخرا.

30 قتيلاً لقوات الأسد والمليشيات الموالية لها في معارك بريف حلب الجنوبي

ويعرف أن كرز الجرود في القلمون وعرسال من أفخم أنواع الكرز عالميا ويعتبر إنتاجه من الصادرات الرئيسية لسوريا ولبنان إلى الأسواق العربية والأوروبية، وقد انخفض إنتاجه بشكل كبير مؤخرا بسبب الأوضاع المتأزمة في الجرود حتى أن بعض أصحاب المزارع قد تركزا هذه المهنة بشكل كامل وتوجهوا للعمل في المدن بعد فقدانهم لمصدر دخلهم الأساسي.

موسم الكرز الدامي في القلمون.. مخاطر وانتكاسات في ظل الحرب