أخبار الآن | حماة – سوريا (مكسيم الحاج)

يقبل شهر رمضان على السوريين حاملاً معه ذكريات رمضانية ماضية في سنوات ما قبل الثورة السورية، على اجتماع العوائل السورية مع بعضها على موائد الإفطار والسحور، ليتحول اليوم إلى شهر يحمل معه عبء العيش والنفقات، والذكريات المؤلمة للغائبين بين الموت والسجون.

الغلاء وركود أسواق المدينة

فمع غلاء الأسعار في هذا العام ووصول سعر صرف الدولار الأميركي إلى أكثر من 500 ليرة سورية للدولار الواحد، بات تموين متطلبات شهر رمضان أمراً مستحيلاً، بحسب "خالد" أب لعائلة بمدينة حماة، يقول بأنهم باتوا لا يعتبرون شهر رمضان شهر عبادة وصوم، بل بات شهراً من الواجب حساب مصروفه الكبير من الطعام والشراب، فمن المحال تخزين الأرز والطحين واللحوم والخضروات كما كان السوريون يفعلون فيما سبق.

ويشير خالد إلى أن الطبقة المتوسطة والفقيرة بشكل خاص في مدينة حماة تعيش حالا صعباً في ظل ارتفاع الأسعار مؤخراً، فكيف في شهر رمضان، وليس هنالك شيئاً يملكونه لشراء فطور صومهم أو سحور يومهم.

وتقول "أم هاني" نازحة من ريف حمص لحماة، بأنها تعيش هذا الشهر هذا على الأرز واللبن فقط، إن توافر المال لشراء الأرز حتى، فسعر كيلو الأرز يصل إلى أكثر من أربعمائة ليرة سورية، والأطفال بحاجة لنصف كيلو أرز بشكل يومي، وهذا يعني بأنها بحاجة أكثر من ثمانية آلاف شهرياً من أجل وجبة أرز فقط على مائدة الإفطار، في حين أن معونتها الشهرية كلها لا تصل إلى 15 ألف ليرة سورية والتي تضمن أجرة منزلها أيضاً.

فهذا الشهر، وحسب ما قالت أم هاني، لن يكون هناك لحوم، لن يكون هناك خضروات، ولن يكون هنالك أي مجال لشراء مشروبات للفطور حتى، فجميع المستلزمات الرمضانية أسعارها باتت لا تناسب الفقراء وذوي الدخل المحدود، وبات شهر رمضان ومستلزماته حكراً على الأغنياء من أهالي المدينة.

وتحدّث "أبو غازي" تاجر في مدينة حماة، بأن أسواق المدينة تشهد ركوداً شرائياً كبيراً على غير المعتاد في الأيام القليلة قبل شهر رمضان وخاصة بسبب ارتفاع وانخفاض سعر صرف الدولار الأميركي المتفاوت وإمساك التجار في حماة للبضاعة خوفاً من غلاء أو رخص سعرها المفاجئ. فمن المعتاد بأن أسواق حماة في هذه الأيام تغص بالأهالي لشراء المستلزمات والأغراض الخاصة بالشهر الكريم، ولكن في هذا العام نادراً ما ترى من يقوم بشراء اللحوم، والدجاج، ومستلزمات رمضان مثل "قمر الدين" و"العرق السوس".

صعوبات النشاط الإغاثي

يقول "أبو أحمد" ناشط إغاثي في حماة، بأن المدينة وبعد توافد أكثر من مليون ونصف نازح إليها بات وضعها صعباً للغاية، وزادت نسبة الطبقة الفقيرة بشكل كبير مؤخراً، ما زاد العبء الكبير على النشاط الإغاثي في المدينة خاصة في شهر رمضان المبارك الذي تكثر فيه عمليات الإعانة بالطعام والمال، ولكن الزيادة الضخمة في العدد السكاني وخاصة الفقراء حصر عمليات الإغاثة في عدد قليل جداً من الأهالي في حماة لتكون النسبة الكبرى للنازحين إليها لعدم وجود مأوى أو مال لديهم. بالإضافة إلى انتشار ظاهرة وجود عائلات كثيرة على حواف الطرقات وفي الشوارع تفطر صيامها على تلك الأزقة بما يتيسر لهم من أهالي الأحياء.

ويشير "أبو أحمد" إلى ضرورة العمل الجماعي بين المنظمات الإنسانية والإغاثية لتفادي الكوارث الإنسانية التي ستحل بالفقراء والنازحين في حماة بشهر رمضان، فمن الواجب توفير وجبات الإفطار والسحور على أقل تقدير لجميع الفقراء والنازحين إليها والمقدر عددهم بما يفوق عن مليون ونصف نسمة في مدينة حماة فقط.

فيما من الواجب توفير معونات إغاثية عاجلة من أرز وسمن وسكر وطحين للفقراء في المدينة من أجل توفير طقوس رمضانية للفقراء ولو بأقل الإمكانات المتوفرة.

وأفاد أبو احمد عن وجود محال تجارية في حماة بدأت عملها بالبيع بالتقسيط والدين للفقراء والمحتاجين من أجل مساعدتهم على مصاريف هذا الشهر الكبيرة، فيما هنالك محال أخرى بدأت بتوزيع بعض بضاعتها كصدقات على المحتاجين قبيل بدأ الشهر.

وناشد أبو أحمد جميع الأغنياء في حماة وخارج سوريا بجعل صدقاتهم في الشهر الكريم للأهالي والفقراء في سوريا من أجل كفاية الأطفال والنساء من جوع وعطش هذا الشهر خصوصاً في ظل الحر الشديد خلال الجو الذي تعيشه مدينة حماة السورية في هذه الأيام.