أخبار الآن | درعا – سوريا (أسامة زين الدين)

أولت داعش لملف الإعلام أهمية خاصة منذ نشأتها، واعتبرت أكثر التنظيمات المتشددة اهتمامًا بشبكة الإنترنت والمسألة الإعلامية بلا منازع. وأصبح مفهوم "الجهاد الإلكتروني" أحد الأركان الرئيسية لعملها في فترة مبكرة من نشأتها في العراق قبل تمددها إلى سوريا.

يدير الملف الإعلامي في التنظيم هيئة متخصصة تشرف على الاستراتيجية الإعلامية لداعش عبر ديوان الإعلام، وتحرص على توجيه خطاب إعلامي يتناسب مع طبيعة جمهورها المستهدف وبلغات متعددة. يرأس هذه الهيئة أبو الأثير "عمرو العبسي" الذي عينته داعش واليا على حلب سابقا، وكان يدرس الهندسة المعلوماتية في جامعتها.

مؤسسات ضخمة وضخ إعلامي مهول

يتبع لداعش عدد ضخم من المؤسسات الإعلامية التي تعمل باحترافية عالية كان على رأسها "مؤسسة الفرقان" التي تعتبر المؤسسة الرسمية الناطقة باسم داعش وتصدر عبرها كلمات قادتها الصوتية، إضافة إلى بعض الإصدارات الضخمة والهوليودية والتي بلغت سبعة إصدارات، كان أحدها الإصدار الذي أحرقت فيه داعش الطيار الأردني الكساسبة. وتستهدف هذه المؤسسة الجمهور العربي والمسلم في خطابها.

لم تهمل داعش أيضا خطاب الغرب في رسالته الإعلامية فكانت مؤسسة "الحياة الضخمة" التي تختص بخطابه بلغات مختلفة بلغت ثماني لغات، أصدرت إلى اليوم ما يزيد عن خمسة عشر إصدارا مرئيا كان على رأسها لهيب الحرب والذي أخذ صدى كبيرا كأحد أول وأضخم الإصدارات وأكثرها دقة ورعبًا، ويتضمن تغطية لمعارك عديدة لداعش ورسالة موجهة لدول التحالف المشاركة في الحملة عليها. كما أصدرت المؤسسة أحد عشر نشيدا خاصة بداعش واستعلمت بشكل كبير في إصدارتها وعدّت بمثابة هوية لها يترنم بها أتباعها.

أسست أيضا داعش مؤسسة خاصة بالإصدارات الصوتية أطلقت عليها مؤسسة "أجناد" للإنتاج الصوتي، وأصدرت ما يزيد عن 45 نشيدا خاصا بها.

الإعلام المكتوب بأشهر لغات العالم

أصدرت داعش مجلات فصلية خاصة بها بأغلب اللغات العالمية، كـمجلة "دابق" الناطقة بالانكليزية أصدر منها حتى اليوم ثلاثة أعداد ، ومجلة "دار الإسلام" بالفرنسية، والتي بلغت حتى اليوم ستة أعداد، ومجلة "القسطنطينية" بالتركية التي صدر منها ثلاثة أعداد، كما أنها أصدرت عددين من مجلة "المنبع" باللغة الروسية. أما مجلتها الرسمية الأسبوعية فسميت "النبأ" وأصدرت منها حتى اليوم عشرة أعداد.

مكاتب الولايات الإعلامية

وهي مؤسسات إعلامية مستقلة وغير مرتبطة ببعضها البعض، إلا أنها تخضع لإشراف ديوان الإعلام في داعش، تعمل على نقل الاحداث الداخلية في ولاياتها وتحسين صورتها ونقل كافة نشاطاتها من تعليم وصحة وخدمات وقضاء. أغرقت هذه المؤسسات الساحة الالكترونية بمئات الإصدارات والتي جاوزت السبعمائة، كما أنها أصدرت ما يزيد عن 1787 تقريرا مصورا يرصد الحياة في مناطق سيطرة داعش ونشرت ما يقارب من 15 ألف صورة بجودة سينمائية عن جوانب مختلفة في ولاياتها.

جحافل في الساحات الافتراضية

لم يولي أي تنظيم ما أولاه داعش من اجتياح لمواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تويتر، فتتبع لها جحافل تقوم بنشر ثقافتها وخطابها الإعلامي، وإعادة نشر إصداراتها بعد حذفها من اليوتيوب. كما يقوم هذا الجيش بشراسة بالغة عن مواقف داعش ويهاجم بعنف أعدائه من باقي الجماعات المتشددة أو فصائل الجيش الحر ويتصيد أخطائهم ويقوم بتضخيمها والمزاودة الدائمة عليها. يشهر عن هؤلاء المدافعين عنها استماتتهم في الدفاع عنها وجدالهم الطويل لخصومهم بلا كلل وبدوام تفاعلهم على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي وعلى مدار الساعة لنشر أخبار التنظيم وتعقب مناوئيه

جيش داعش الإعلامي في درعا

لم تكن درعا بمعزل عن غيرها من الساحات التي شهدت نشاطا ملحوظا لأنصار داعش، تصاعد هذا النشاط بشكل كبير مع إخفاقات الجبهة الجنوبية الأخيرة في معركة عاصفة الجنوب، وصراع جيش الفتح من لواء شهداء اليرموك المناصر لداعش، والهجوم الشرس على دار العدل بعد تفشي ظواهر الفساد وتنامي حركة الاغتيالات والصعوبات التي تواجه الهيئات الثورية في الإدارة المدنية.

يقول الإعلامي "أبو زيد" أن النشاط الداعشي في درعا يعتمد سياسة الصيد في المياه العكرة ببراعة بالغة، حيث يقوم "باجتزاء الأحداث والمواقف الصغيرة وتعميمها أو تضخيمها بما يعطي رسائل إعلامية موجهة، تعتمد أسلوب التكرار الدائم حتى تستقر هذه الأمور في العقل الباطن للمتلقي ويبدأ بتبنيها مع الزمن خاصة مع مشاكل الإدارة المدنية وضعف إعلام الثورة مقارنة بإعلام داعش".