أخبار الآن | درعا – سوريا – (علي حسن)

بإمكانياتهم الضعيفة ونقص الكادر التدريسي، تمكّن مدرسون يعملون في الهيئة التعليمية في مدينة درعا التابعة للحكومة السورية المؤقتة، من تحويل مدجنة كانت مخصصة لتربية الدجاج ومستودعا لتخزين الأعلاف، إلى مدرسة لتعليم الأطفال، لاستيعاب أعداد الطلاب النازحين في السهول المحيطة بمدينة درعا.

ومع بدء السنة الدراسية الجديدة، دخل الطلّاب إلى مدرستهم المتواضعة التي لا تزال تحتوي على معالم كثيرة، تدل على أنها كانت مخصّصة لتربية الدجاج وتخزين الأعلاف، وذلك لعدم قدرة المعلّمين تحسين على مستوى البناء وإجراء التغييرات المناسبة لتقسيم الصفوف، وإضافة دورات المياه إليها.

محاولات جادة رغم الظروف الصعبة

وتحدّث مدير المدرسة "فهد المحاميد" لـمراسل أخبار الآن، أن المعلّمين بذلوا كل ما بوسعهم لتأمين الظروف المناسبة لتعليم الأطفال النازحين عن منازلهم في السهول المحيطة بمدينة درعا، إلا أنّ عددهم الذي يتجاوز الـ 200 طالب من المرحلة الابتدائية، أجبرنا على استئجار مدجنة مهجورة لتربية الدجاج بمبلغ مالي قدره 65 ألف ل. س، فضلاً عن تأمين المستلزمات المدرسية التي جاءت إضافة إلى مخصصات المدارس الأخرى في مدينة درعا.

وأوضح محاميد أن المدرسة تُعاني من نقص حاد في المستلزمات المدرسية ولا تزال بحاجة إلى بعض الإصلاحات وأهمها تقطيع الصفوف بالقوالب الإسمنتية، حيث استبدل الكادر القطع الإسمنتية بشوادر بلاستيكية، ما شكّل مشكلة كبيرة في تركيز التلاميذ والمعلّمين بسبب تداخل الأصوات بين الصفوف.

"مدجنة" تتحول إلى مدرسة لتعليم التلاميذ في أحد مخيمات النزوح بدرعا

تحديات تعليمية

وتضم المدرسة أكثر من 100 طالب من الصفّين الأول والثاني، و100 آخرين من طلّاب الصفوف الثالث والرابع والخامس والسادس، وفسّر معلّمون ذلك بأن بعض الطلاب الذين كان من المفترض أن يكونوا في الصف الثالث أو الرابع، هم يدرسون الآن الصف الأول أو الثاني، وذلك لعدم قدرتهم في السابق على الدراسة لما كانت تشهده مناطقهم من عنف وفقدان للأمن، واضطرارهم إلى التنقّل بين المناطق الأقل خطراً.

وقالت الأستاذ "حمدان السعدي" من الكادر التدريسي في المدرسة، أن "المدجنّة" المطوّرة إلى مدرسة تفتقر لساحة للعب الأطفال، خصوصاً أن ما يحيط بها هو أشجار وحقول وهذه الأماكن غير مناسبة للعب الأطفال خاصة في الشتاء، حيث يضطر معظم الطلاب للبقاء في قاعات التدريس عند حلول الاستراحة بين الدروس.

وأضاف السعدي أن بعض الطلاب ينتظرونهم ذويهم عند انتهاء الدوام للذهاب بهم إلى منازلهم، إلا أن الأغلبية ينصرفون لوحدهم مشياً على الأقدام، وذلك قد يشكّل على الطالب خطراً على انصرافه أو إصابته بالأمراض نظراً لوعورة الطرق وبدء فصل الشتاء، وخاصة لمن تبعد عنهم منازلهم مسافات طويلة.

مشكلة التعليم تحتاج إلى حلول جذرية

وتعتبر الهيئة التعليمية في درعا من أفقر الهيئات المختصة في التعليم بمدينة درعا، على الرغم من تبعيتها للحكومة السورية المؤقتة، إلا أن الأخيرة لا تقدّم الدعم الكافي لإقامة المدارس في مناطق تجمع النازحين، وإصلاح بعض المدارس التي تضرّرت بفعل القصف والمواجهات الأخيرة بين المعارضة المسلحة وقوات النظام، وذلك بحسب ما أفاد به القائمون على الهيئة.

ويشتكي السكان في مدينة درعا وبعض المناطق المجاورة من عدم تمكّن مئات الأطفال من الدراسة خلال هذا العام وخاصة من أبناء مدينة درعا، وذلك لنزوح الآلاف عن المدينة مؤخّراً بسبب المعارك التي دارت لشهور قبل فترة، حيث تجمّعت مئات العائلات في مناطق متفرّقة من محيط مدينة درعا وريفها، وبسبب ضعف إمكانيات الهيئات المختصة في التعليم، حال ذلك دون استيعاب أعداد الطلاب الكبيرة، وبناء مدارس صغيرة لهم، فضلاً عن عدم وجود الكادر التدريسي الكامل.

كما تنظّم بعض المنظّمات الإنسانية المحليّة حملات تعليمية مؤقتة في مخيمات النازحين المنتشرة بريف درعا الغربي، وذلك بإقامة خيمة تدريسية لمدة أسبوع واحد فقط، تهدف إلى جمع الأطفال المتواجدين في المخيم وتعليمهم أكبر قدر ممكن من أساسيات الكتابة والقراءة والحساب، وإعطائهم بعض التعليمات فيما يتعلق بإجراءات السلامة، وكيفية الوقاية من الجراثيم والأمراض، خصوصاً في فصل الشتاء، وذلك في محاولة من قبلهم لتعويض الخسارة الكبيرة في عدم تعليم الأطفال في مخيماتهم.

"مدجنة" تتحول إلى مدرسة لتعليم التلاميذ في أحد مخيمات النزوح بدرعا"مدجنة" تتحول إلى مدرسة لتعليم التلاميذ في أحد مخيمات النزوح بدرعا