أخبار الآن | درعا– سوريا (أسامة زين الدين)

عمد النظام طوال السنوات الماضية إلى تركيز جهده على الضرب بعنف شديد اي إدارة مدنية مستقلة عن بنيته ومؤسساته، يمكن أن ينشئها الثوار في مناطقهم المحررة، وحازت البنى التحتية التعليمية والتربوية على نصيب وافر من التدمير الممنهج الذي جسّده النظام بشكل دائم عبر استهداف المدارس ببراميله، سعيا منه لإرهاب الأهالي ومنعهم من إرسال أبنائهم لهذه المدارس، أو عبر ترهيب المعلمين وفصلهم من التعليم نهائيا إذا رفضوا توجيهاته بالتوقف عن التدريس في هذه المدارس ذات الإدارة الثورية، أو حتى إذا اشتبه في كونهم منخرطين في نشاطات ثورية في مناطق عملهم.

فصل المدرسين سياسة ممنهجة

"محمد" مدرس لغة إنكليزية من درعا، شارك في الحراك الثوري منذ بداياته وانخرط في العديد من التظاهرات والنشاطات التي انطلقت في درعا، عمم النظام اسمه على الحواجز كما تناهى إلى مسمعه من قبل بعض المعارف، وتم فصله من "التربية" بشكل كامل على خلفية هذه النشاطات. يقول "محمد" أنه والمدرسين من أمثاله قد اجتمع عليهم أسوأ الشرين، الرعب من الاعتقال والتنقل الدائم من بيت إلى بيت، وقطع الرزق بعد فصلهم من النظام، وعدم قدرتهم على إعانة أهلهم وأسرهم ومعاناتهم ظروفا صعبة للغاية وذلك في أوائل أيام الثورة.

أما "وائل" فهو مدرس جغرافيا، تم فصله بسبب عدم التزامه بالأوامر الإدارية التي طلبت منه ومن بعض المدرسين معه في المدرسة بالانتقال لمدرسة أخرى خاضعة لسيطرة النظام، وترك المدرسة التي درّس فيها لسبع سنوات متتالية بسبب خضوعها لسيطرة الثوار. يقول "وائل" أنه يلمس عيانا استراتيجية النظام في تدمير التعليم وسحب مقومات وأوراق نجاحه من بين أيدي الثوار، عبر ابتزاز المدرسين على أمنهم ومصدر رزقهم الذي لا يملكون بديلا أخر عنه.

بعد أن ضاقت الأحوال بوائل وزوجته وطفليه نسي حياة المدرسة وصخب الأطفال وتصحيح وظائفهم، واعتاد على حياة جديدة بين صخب البائعين وضجيج السوق بعد أن لجأ إلى فتح بسطة لبيع الخضار تستر الحال وتحفظ ماء الوجه من أن يراق.

هيئات ثورية تتدارك الوضع

في محاولة منها لإصلاح ما يمكن إصلاحه وتدارك الواقع التعليمي المتدهور في المناطق المحررة، عمدت "رابطة أهل حوران" إلى إنشاء مراكز تعليم بديل ودورات للتعليم الموازي غطت قطاعات حوران الستة، وشملت 12 مركزا تعليميا نصفها للذكور ونصفها للإناث، وقامت بحصر المدرسين المفصولين في المحافظة نتيجة مواقفهم الثورية وتعاقدت مع 91 منهم على التدريس في هذه المراكز التعليمية.

يقول المدير التنفيذي للرابطة "خالد زين العابدين" لأخبار الآن أن عدد المدرسين الذين تم فصلهم من قبل النظام على مستوى المحافظة بلغ 325 مدرسا، قامت بعض الهيئات الثورية بكفالة بعضهم، ومن تبقى منهم سعت الرابطة إلى كفالته عبر مشروع الكفالات الذي تم فيه كفالة 150 مدرسا مفصولا، فيما تم كفالة الآخرين عبر مشروع التعليم المساند والموازي الذي يخدم طلاب الشهادتين ويستفيد منه 150 مدرساً. وأكد "زين العابدين" أن استثمارهم وإعادة تفعليهم يساهم في رفع مستوى التعليم في المناطق المحررة.

يذكر أن عددا من مناطق درعا المحررة قد حرمت من التعليم بالكامل، وبخاصة درعا المدينة وبصرى الشام، حيث يقع عبء التعليم فيها على هيئات مدنية وجهود فردية، وتعاني معظمها من عدم وجود الكادر المختص والخبير، وتضطر للاستعانة بطلبة جامعات في سنوات دراستهم الأولى لتغطية العدد الكبير من الأطفال الذين أمضوا العام الدراسي الأول والثاني لهم بلا أي تعليم يذكر.