أخبار الآن | دمشق – سوريا (زياد المبارك)

يخترع النظام السوري كل يوم العديد من الأساليب والطرق التي تكرس صورة القمع والاستبداد وغياب القانون والدولة في سوريا. وفي ظل ما يجري لم يجد المواطن السوري سبيلا إلا البحث عن طرق تحميه من عنف عساكر وشبيحة النظام، ويأتي في مقدمتها استصدار بطاقات أمنية عرفت باسم "بطاقة الحماية" بين الأهالي وذلك لأنها تحمي حاملها من تجاوزات النظام اليومية.

حماية من التشبيح

"البطاقة الأمنية "بطاقة الحماية" باتت ضرورية حتى لا أتعرض للحديث ولو كان قصيرا مع العساكر المتواجدين على الحواجز الكثيرة في العاصمة"، هكذا يبرر التاجر "أبو علي" قيامه باستصدار بطاقة ودفع مبلغ مالي كبير مقابلها.

"حوالي الـ 600 دولار كلفني حفظ كرامتي وماء وجهي"، يكمل "أبو علي" قوله ويردف: أن يتم التعامل معك كمتهم كيفما تحركت في مدينتك فهذا ما لا يحتمله عقلي وتريبتي، اضطررت فوق ذلك للذهاب إلى فرع المخابرات الجوية! والتأكد من عدم تلوث يدي بأعمال مناهضة للنظام.

إعلاميو ريف إدلب.. من قمع النظام إلى اعتقالات النصرة

بالمقابل يرى البعض أن استصدار البطاقة هو أمر يعد من الترف في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الدمشقيون بشكل عام، فمبلغ 600 دولارا أمريكيا كافيه لأن تعيش أسرة دمشقية به لمدة نصف سنة، إضافة إلى أن عمليات التفتيش والمداهمات لا يردعها وجود بطاقة أو غيرها.

وفي هذا، يرى "مروان" أحد المدرسين في ثانويات دمشق، أنه من العبث الحديث عن "حماية" في ظل واقع انتهك كل خصوصيات المواطن الدمشقي: بدءا من التعالي في التعامل معنا من قبل عساكر غالبيتهم أميين، وليس انتهاء بالسخرية والإهانة اللفظية كتسلية لهم على حواجزهم.

المرور الآمن من احتلال الأسد

بطاقة المرور الآمن، كما يحلو لبعض المهتمين تسميتها، هي تشبه تماما قوانين الاحتلال. فأن يصل الأمر بالمواطن أن يدفع مبالغ مالية لحمايتها من نظامه السياسي والقوى التشبيحية المرتبطة به، ما هو إلا حال أسوأ من الاحتلال.

فوق كل هذا، على من يريد المغامرة وعدم الدخول في تبريرات وجدال مع عساكر الحواجز فعليه القيام بخطوات أقل ما يقال عنها أنها مضنية ومهينة لاستصدار هذه البطاقة.

"تقديم طلب رسمي لدى السلطات المختصة، ومن ثم يرف الاسم إلى كافة الأفرع الأمنية وتجري دراسة أمنية شاملة، وفي حال ثبتت براءته، حينها يدفع ثمن البطاقة في البنك لصالح أبناء القتلى من قوات الأسد ليحصل بعدها على تلك البطاقة".

"جيش الفتح" يسيطر على "القراصي" جنوب حلب و"الزنكي" يستولى على دبابة T90

"عبد الله" مدرس في جامعة دمشق، يقول: "رغم أنني استاذ جامعي ولدي بطاقة من نقابة المعلمين التابعة للجامعة، إلا أنني تعرضت للكثير من المواقف المذلّة بسبب انتمائي إلى جنوب دمشق المحاصر، وسمعت كلمات وألفاظ مهينة من عساكر صغار في العمر بحقي، فما كان مني إلا أن استصدرت لطاقة عن طريق أحد الزملاء المتنفذين لدى الأفرع الأمنية"، ويضيف: تحميني البطاقة أكثر مما يحميني مركزي كأستاذ جامعي، هذا وحده كفيل لأن أقول أن دمشق محتلة من عصابات الأسد.

احتيال وتزوير

وكالعادة، مع غياب القانون منذ أكثر من خمسين عاما في سوريا، فإن عمليات النصب والاحتيال والتزوير مستمرة مادام النظام مستمرا. فحتى البطاقة الأمنية وجدت طريقها لأن تكون مزورة ومصدر رزق للمحتالين المرتبطين بالشبيحة.

فقد ذكرت عدة حوادث تعرض أصحابها لفخ الاحتيال عن طريق تزوير البطاقة، وتكون نتيجتها دفع غرامة مالية وسحب البطاقة والتعرض للإهانة والتخوين في ذات الوقت.

يذكر "أبو سليم" سائق سيارة "سوزوكي" لتحميل الخضار إلى سوق الهال في دمشق، أنه رأى مرة شابا يتعرض للضرب من عساكر النظام على حاجز منطقة "الزبلطاني" وحين استفسر عن الأمر "بعد تعطل السير لفترة ليست قصيرة" أن الشاب قام بعملية تزوير وانتحال لشخصية أمنية، ولم يعرف وقتها حقيقة ما يجري. ولكنه عندما سأل تبين له ما حصل وهو أن الشاب على ما يبدو قد تعرض لعملية احتيال من سماسرة الأمن والشبيحة وتم تزويده ببطاقة مزورة غير أصلية.

بقي أن ننوه أن هذه البطاقات الأمنية تصدر عن عدة فروع أمنية في دمشق، منها: "فرع المخابرات الجوية، الدفاع الوطني، الأمن القومي، الفرقة الرابعة" إضافة إلى بطاقات تابعة لميليشيات حزب الله. حيث لكل بطاقة ميزات خاصة بها ومدة زمنية محددة في غالب الأحيان.