ناقشت ديانا فاخوري في حلقة هذا الأسبوع من برنامج نون، الوضع اللبناني الذي يعاني من انهيار على خلفية أزماته المتلاحقة ما بين السياسة والاقتصاد، لتدخل معها لبنان بالتزامن مع أزمة كورونا العالمية إلى نفق صعب تزداد معه الأوضاع تأزمًا وانجرافًا نحو انهيار وشيك، على إثره هاجرت الأدمغة اللبنانية نحو أفق أرحب من عنق الأزمة التي تخنق لبنان بكافة قطاعاته. واستضافت حلقة هذا الأسبوع الإعلاميتين الإقتصاديتين هلا صغبيني وجيسي طراد قسطون للحديث حول هذا الوضع بالغ التعقيد، تحت عنوان تأثير سعر صرف الدولار على الاقتصاد اللبناني وسوق العمل.
وفي الجزء الأول من البرنامج؛
تحدثت فاخوري حول تجربة لبنان ما بين العامين 1984 و1992 حين تمّ تخفيض العملة، ما أنتخ تضخمًا هائلاً وكلفة اجتماعية فادحة، وارتفاع بالغ في الأسعار وخفض الحد الأدني للأجور، إلى أن تمَّ تثبيت سعر الصرف للدولار في العام 1992، مما أوقف هذا التضخم البالغ، ليعود من جديد في ظل الوضع القائم شبح الانتهيار يضرب الاقتصاد اللبناني متأثرًا بسعر صرف الدولار لتفقد الشريحة الأكبر من اللبنانيين قيمة مدخولاتهم في انتكاسة إلى فترة الثمانينيات وسط غياب خطط اقتصادية واضحة وأسعار متباينة لصرف الدولار في ظل هذه الأزمة الطاحنة.
بدأت مستشارة وزير المالية السابقة الصحافية الاقتصادية هالة صغبيني بالإشارة إلى أزمة لبنان المركبة اقتصاديًا وسياسيًا وماليًا، وأن مجيء الحكومة اللبنانية الجديدة المكلفة برئاسة سعد الحريري هي محاولة للإنقاذ ووقف الانهيار، لأجل الحصول على فترة استقرار بعدها يمكن إطلاق عملية نهوض للاقتصاد اللبناني. وأضافت الصحافية الاقتصادية جيسي طراد قسطون، أن السياسة تلعب دورًا مهمًا بالواقع الاقتصادي اللبناني، وكل الفراغات السياسية اللبنانية هي السر وراء هذا الوضع الاقتصادي المنهار والمعقد، ومجيء حكومة الحريري يعطي أمل إيجابي في تحسين الأوضاع التي أثبتها تراجع صرف الدولار بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة وتأثرت به السوق السوداء لينخفض سعر الدولار قرابة ألف ليرة لبنانية، بما يمثل صدمة إيجابية بالتكليف يجب أن يتبعها صدمة إيجابية بالعمل الجاد.
وعادت صبغيني للحديث حول أن سعر الدولار يمكن أن يتثبت إذا حصل توحيد للأسعار حسب الخبراء بالتعاون مع المؤسسات العالمية الكبرى، مؤكدة على أن حكومة الاختصاصيين التي تتكون أمر إيجابي، لكن الأساس هي إيجاد آلية لأعادة الدولار إلى الداخل اللبناني. وأضافت قسطون أن تفلت سعر الدولار جاء قبل الثورة اللبنانية، ويجب أن يتم معالجة ذلك بشكل كبير، لذلك فإن تثبيت سعر الصرف هو مرحلة سابقة لتحرير سعر الصرف، مع اعتبار واقع الليرة اللبنانية، وضرورة الانتباه لما فعلته الحكومات السابقة التي أضرت سياساتها بتردي الليرة اللبنانية، والتي تسببت في بطالة 55% في سوق العمل، تبعه هجرة للماركات العالمية والأدمغة، وصار حوالي 25% في فقر مدقع، مع اختفاء الطبقة الوسطي من لبنان.
وفي الجزء الثاني؛
تحدثت هالة صبغيني حول ضرورة خطة إصلاحية طارئة مثل الخطة الفرنسية والتي تعتمد على إعادة إعمار مرفأ بيروت وإصلاح قطاع الكهرباء واستئناف المفاوضات حول الوضع الحالي، وهو ما أكدته حكومة الحريري باعتبارها حكومة إنقاذية لوقف الانهيار الحالي، ومن بعدها وضع خطة تعافي طويلة الأمد. مؤكدة على تثبيت سعر الدولار قبل الوصول إلى التحرير مع وضع شبكة آمان اجتماعي للأفراد ولمعيشتهم وتعزيز القوة الشرائية للمواطن.
وأوضحت قسطون أن الخطط الجزئية الصغيرة لن تعالج المشكلة لكنها ستدفع إلى مزيد من المشكلات، وإن لم يكن هناك قدرة للتدخل بالسوق ستتفاقم المشكلة مع وجود السوق السوداء، وهو ما يتعين على البنك المركزي توليه، بعيدًا عن الاحتياطي الإلزامي الذي منع القانون المساس به والبالغ 17 مليار دولار، وإن لم يتم علاج ذلك بخطط حقيقية سيرتفع سعر الدولار بقوة خاصة مع إعلان البنك عن خطط لتخفيض تداول وصرف ما يملكه من حصيلة دولارات يمكنه التصرف بها توازي 2 مليار دولار بعيدًا عن الاحتياطي الإلزامي. وأكدت صبغيني على دور حماية المستهلك خلال تلك الفترة ومراقبة الأسعار. وأشارت إلى أن جزء كبير من خفض سعر الدولار في الأيام الأخيرة كان نتيجة بيع الكثير لمدخراتهم في البيوت من الدولار، بعد تعميم البنك المركزي اللبناني مؤكدة على ضرورة تثبيت سعر الدولار والعمل على إنهاء الأزمة. وأشارت قسطون إلى ضرورة الحد من الكتلة المتجمدة في المصارف، وهو ما خفض سقف السحب للعملاء فأحدث فوضى في السوق المالي.
وفي الجزء الأخير؛
تحدثت هالة حول رفع الدعم وآثره على المواطن، وكيف ارتفعت الأسعار للكثير من السلع، دون الانتباه لما أشار له البنك المركزي لخلق شبكة أمان اجتماعي لحماية آلاف العائلات من الفقر المدقع، ولذلك يجب توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم الحالة مثل مشروع بطاقة التموين لتمكين الفرد من شراء المواد الغذائية المدعومة سلفًا بما يصل من مساعدات خارجية.
وأشارت قسطون إلى تضرر سوق العمل بسبب البطالة المرتفعة، والهجرة الكبيرة للشباب اللبناني المتعلم، مما يسبب قلقًا كبيرًا بسبب هجرة الأدمغة اللبنانية، بعد ان صار أي عرض خارج لبنان أفضل بكثير من الداخل اللبناني خاصة في ظل الإغلاق بسبب كورونا، وبالتالي فواقع سوق العمل يعاني بشكل ما، مع وجود منافسة قوية للبناني من كافة الجنسيات داخل الدول التي تفتح سوق عملها أمام اللبنانيين.
وكانت صغبيني أشارت إلى أن أزمة كورونا أثرت على كافة بلدان العالم، حتى في الخليج العربي أكبر سوق للأيدي العاملة اللبنانية، وأضافت قسطون ضرورة فصل الاقتصاد عن السياسة لأجل الخروج العاجل من أزمة لبنان ولن يتم ذلك إلا بحكومة اختصاصية لا حكومة سياسية.