تشير دراسة حديثة أجرتها مبادرة بي إي أر سي، التي تضم تضم عددًا من المنظمات الخاصة والعامة في القارة الأفريقية لتحقيق شراكة من أجل رد ضد كوفيد 19 مبني على الأدلة الموثقة، إلى أن معدل الوفيات في إفريقيا أقل من معدل الوفيات العالمي، مما يشير إلى أن نتائج تأثير الفيروس كانت أقل حدة بين السكان الأفارقة، وهو ما جعل منظمات وحكومات تشيد بعدة دول أفريقية أطلقت حملة بدت فعالة لمكافحة انتشار فيروس كورونا على الرغم من السمعة التي تلتصق بأجهزتها الصحية الحكومية بأن لديها أنظمة صحية هشة، فعدد الإصابات بالقارة بلغ 1.5 مليون حالة إصابة وفقًا لما نشرته جامعة جون هوبكنز مقارنة بعدد سكانها البالغ مليار نسمة، وبالمقارنة مع أعداد الإصابات في أوربا وآسيا والأمريكتين، إذ سجلت إفريقيا نحو 37 ألف حالة وفاة جراء الإصابة بالفيروس، مقارنة بنحو 580 ألف حالة وفاة في الأمريكيتين، و230 ألف وفاة في أوروبا ، و 205 آلاف في آسيا.
ويبقى السؤال، لماذا تنخفض معدلات الإصابة في إفريقيا؟
للإجابة عن ذلك يمكن أن نلاحظ مجموعة أسباب نوجزها فيما يلي:
1- نظرًا لهشاشة الاوضاع الصحية والتي يُخشى انهيارها أمام موجات التفشي، اضطرت الحكومات الإفريقية إلى التقيد بإجراءات متشددة منذ البداية ومع ظهور أول حالة للإصابة في مصر في 14 فبراير الماضي، والتي كانت ناقوس خطر شديد الإزعاج للحكومات الإفريقية التي تعرف عن أنظمتها الصحية جيدًا، فعلى سبيل المثال، ذلك هو ما جعل حكومة ليسوتو تعلن تنفيذ الإغلاق التام بعد اكتشاف أول إصابة بالفيروس وتشديد إجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وتجنب المصافحة وغيرها.
2- جاء دعم الأفراد للحكومات داخل مجتمعاتهم عاليًا إذ وصل ارتداء الكمامة الطبية إلى 85% من الناس، مما يشير إلى وعي بضرورة تطبيق التدابير الاحترازية، وذلك حسب استطلاع رأي لوكالة بي بي سي الإذاعية والإخبارية تم إجراؤه في 18 دولة إفريقية، وجاء في تقريرها أن "البيانات تشير إلى أن الناس في جميع أنحاء الاتحاد الأفريقي يرون أن هذا الوباء يمثل تهديداً خطيراً، ولكن بالنسبة للكثيرين، تفوق الأعباء الاقتصادية والاجتماعية تصورهم الشخصي للمخاطر المتعلقة بالإصابة بالفيروس".
3- ارتفاع نسبة الشباب والأطفال، فالأفراد فوق 65 عامًا في إفريقيا يمثلون 3%فقط وهو عدد منخفض جدًا مقارنة بأعداد هؤلاء في أوربا والامريكتين مثلاً، وحسب ما أفادت به منظمة الصحة العالمية: "انتشر الوباء إلى حد كبير بين الفئات العمرية الأصغر، فحوالي 91% من حالات الإصابة بالمرض في جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا كانت بين الأشخاص دون سن الـ 60، كما أن الأعراض لم تظهر على 80% منهم.
4- العوامل المناخية، إذذ لوحظ أن فيروس كورنا المستجد ينشط بقوة في البلدان التي تشهد انخفاضًا في درجات حرارة مناخها، وكانت دراسة أجراها باحثون في جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة، أكدت وجود علاقة بين درجة الحرارة والرطوبة وخط العرض وبين انتشار وباء كوفيد-19، وقال كبير الباحثين محمد سجادي: "ألقينا نظرة على الانتشار المبكر للفيروس في 50 مدينة حول العالم. ووجدنا أن انتشار الفيروس كان أسهل في الأماكن التي فيها درجات حرارة منخفضة ورطوبة".
5- خبرة الدول والحكومات الإفريقية في التعامل مع جائحة سابقًا، وهنا تكمن قوة القارة في أنظمتها الصحية المجتمعية المجربة والمُختبرة على الرغم من أن البنية التحتية للمستشفيات في معظم أنحاء إفريقيا أقل تطورًا منها في الأجزاء الأخرى من العالم، فمثلاً كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية تتعامل مع أكبر تفشي لفيروس إيبولا حتى الآن، وكانت الدول المجاورة في حالة تأهب قصوى، وتم توسيع الفحص الطبي للمسافرين الذي يكشف عن فيروس إيبولا ليشمل كوفيد-19.
